[ ص: 68 ] باب
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=29577_28885تراكب التنوين ، وتتابعه ، وكيفية نقط ما يلقى من الحروف
واعلم أن الاسم إذا لحقه التنوين في حال نصبه أو خفضه أو رفعه ، وأتى بعده حرف من حروف الحلق ، وهي ستة : الهمزة ، والهاء ، والحاء ، والعين ، والخاء ، والغين ؛ فإن النقطتين من الحركة والتنوين تجعلان مع ذلك متراكبتين واحدة فوق أخرى ، على ما تقدم من جعل المنصوب والمخفوض والمرفوع ، فالسفلى منهما الحركة ؛ لأنها تلي صورة الحرف . والعليا التنوين ؛ لأنه آت بعد الحركة . هذا في حال النصب والرفع . وفي حال الخفض : العليا الحركة ؛ لأنها هي التي تلي الحرف فيه ، والسفلى التنوين ، وتجعل على حرف الحلق نقطة لا غير ؛ ليدل بذلك على أن التنوين مظهر عنده . وذلك نحو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10عذاب أليم ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109جرف هار ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=4لعلي حكيم ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181سميع عليم ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34عليم خبير ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43عفوا غفورا ، وشبهه .
وهذا مع الهاء والحاء والعين ، من حيث انعقد الإجماع على بيان التنوين
[ ص: 69 ] عندهن . وكذلك الهمزة أظهرت محققة أو ألقي حركتها على ساكن قبلها ؛ لأنها مع ذلك في النية والتقدير . وأما الخاء والغين فمن بين التنوين عندهما جعل النقطتين قبلهما متراكبتين ، على ما تقدم . ومن أخفاه عندهما جعل النقطتين متتابعتين .
والعلة في تراكب التنوين عند حروف الحلق خاصة أنه لما كان حكمه أن يبين عندهن ، لبعد المسافة التي بينه وبينهن في المخرج ؛ أبعدت النقطة التي هي علامته عن حرف الحلق بأن جعلت فوق الحركة ؛ ليؤذن بذلك بانقطاعه وانفصاله عنه ، ويدل به على تخليصه وبيانه .
* * *
وإن أتى بعد الاسم المنون في الأحوال الثلاث من النصب والجر والرفع باقي حروف المعجم ، سوى حروف الحلق ، من حروف اللسان والشفتين جعلت النقطتان من الحركة والتنوين متتابعتين واحدة أمام أخرى ، فالمتقدمة منهما التي تلي الحرف هي الحركة ، والمتأخرة هي التنوين لما ذكرناه .
فإن كان الحرف الآتي بعده أحد أربعة أحرف : راء ، أو لام ، أو نون ، أو ميم ؛ جعل على كل واحد منها علامة التشديد ؛ ليدل بذلك على أن التنوين مدغم فيه ، قد صار معه ، من أجل الإدغام ، بمنزلة حرف واحد مشدد . وذلك نحو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=173غفور رحيم ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هدى للمتقين ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5على هدى من ربهم ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=3عاملة ناصبة ، وشبهه .
[ ص: 70 ] وإن كان الحرف ياء أو واوا ؛ ففيه وجهان :
إن نقط ذلك على قراءة من أذهب غنة النون والتنوين ، مع الإدغام الصحيح الذي لا يبقى للحرف الأول فيه أثر ؛ جعل على الياء والواو علامة التشديد ، كما فعل ذلك مع الأربعة الأحرف المتقدمة ، من حيث كان إدغام التنوين فيها إدغاما صحيحا . وإن نقط ذلك على قراءة من بين الغنة ولم يذهبها رأسا ؛ جعل على الياء والواو نقطة لا غير ؛ ليفرق بذلك بين المذهبين ، ويدل به على القراءتين . وذلك في نحو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=43يومئذ يصدعون ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=16يومئذ واهية ، وشبهه . كذا نقطه على الوجه الأول . وعلى الثاني :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=43يومئذ يصدعون ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=16يومئذ واهية .
وإن كان الحرف قافا أو كافا أو جيما أو شينا أو غيرها من باقي الحروف التي يخفى التنوين عندها ، أو يقلب ، نحو الباء ، جعل على كل حرف منها نقطة فقط ، وأعري من علامة التشديد ؛ لعدمه فيه رأسا ، بظهور صوت النون والتنوين عنده . فامتنعا بذلك من القلب والإدغام اللذين بهما يتحقق التشديد ويتحصل التثقيل ، وذلك في نحو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=43من قوم كافرين ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20على كل شيء قدير ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=48شيئا nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72جنات عدن ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=30غفور شكور ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=102يومئذ زرقا ، و "
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=26سلاما سلاما ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23رجال صدقوا ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=30قوما طاغين ،
[ ص: 71 ] و
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=117حرث قوم ظلموا ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=106قوما ضالين ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=53قوما فاسقين ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=25جنات تجري ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=10شهاب ثاقب ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ظلمات بعضها ، وما أشبهه ذلك ، حيث وقع . 50 والعلة في تتابع التنوين عند جميع ما تقدم من الحروف أنه لما كان لا يخلو عندها من أحد ثلاثة أوجه : إما أن يدغم ، وإما أن يخفى ، وإما أن يقلب . وهذه الأوجه الثلاثة تجب بالقرب ، أو بمعنى يرجع إليه ، وكان الإدغام بابه أن يدخل الأول من المثلين والمتقاربين في الثاني إدخالا شديدا ، لا فرجة بينهما ولا فصل ، لأجل القلب والتشديد ، وكان الإخفاء قد شارك الإدغام من طريق اشتقاق كلمة ( أدغمت ) ، و ( أخفيت ) من حيث كان معنى ( أدغمت الشيء ) : غيبته ، و ( أخفيته ) : سترته ، فكلا الكلمتين معناهما السترة التي ضد الظهور والبيان . فلما كان التنوين لا يخلو مما ذكرناه ، وكان معنى الإدغام والإخفاء ما بيناه ، قربت النقطة التي هي علامة التنوين من الحروف المتقدمة ، دلالة على اتصاله بها ، ودخوله فيها ، وإعلاما بالتقارب الموجب للإدغام والمحقق للإخفاء . وإن تباينا في اللفظ ، وتفاضلا في الحقيقة فقد اجتمعا في أن عدل بكل واحد منهما عن البيان . والعرب قد تحكم للشيء بحكم الشيء إذا اجتمعا في بعض المعاني . والفرق عند النحويين بينهما في اللفظ أن المدغم مشدد والمخفى مخفف .
* * *
[ ص: 72 ] وهذا الذي ذكرناه من تراكب التنوين عند حروف الحلق ، وتتابعه عند غيرها من سائر حروف المعجم إجماع من السلف الذين ابتدؤوا النقط وابتدعوه ، وعليه جرى استعمال سائر الخلف . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل - رحمه الله - : كل ما استقبله من حروف الحلق حرف ، وهو منون ، نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43عفوا غفورا ؛ فالنقط على الطول . وفي نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=173غفور رحيم ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=5حبل من مسد ؛ النقط على العرض . يريد بالطول التراكب ، وبالعرض التتابع .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو : ولم أر أحدا ممن عني بصناعة النقط في القديم والحديث وجه معنى إجماعهم ، ولا علل حقيقة مذهبهم في تخصيص حروف الحلق بالتراكب ، وما عداها بالتتابع . وقد سألت عن ذلك غير واحد من شيوخهم ، وذاكرت به جماعة من علمائهم ، فكلهم زعم أن ذلك اصطلاح من السلف لزم اتباعهم عليه ، ولا وجه له ، ولا علة فيه . وأنهم لو أجمعوا على تتابعه عند حروف الحلق ، وتراكبه عند ما عداها لكان كإجماعهم الأول المعمول به . وذلك بخلاف ما قالوه ، وعلى غير ما ظنوه ، لما أوضحناه من صحة معنى ما أجمعوا عليه . وبالله التوفيق .
[ ص: 68 ] بَابٌ
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=29577_28885تَرَاكُبِ التَّنْوِينِ ، وَتَتَابُعِهِ ، وَكَيْفِيَّةِ نَقْطِ مَا يُلْقَى مِنَ الْحُرُوفِ
وَاعْلَمْ أَنَّ الِاسْمَ إِذَا لَحِقَهُ التَّنْوِينُ فِي حَالِ نَصْبِهِ أَوْ خَفْضِهِ أَوْ رَفْعِهِ ، وَأَتَى بَعْدَهُ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْحَلْقِ ، وَهِيَ سِتَّةٌ : الْهَمْزَةُ ، وَالْهَاءُ ، وَالْحَاءُ ، وَالْعَيْنُ ، وَالْخَاءُ ، وَالْغَيْنُ ؛ فَإِنَّ النُّقْطَتَيْنِ مِنَ الْحَرَكَةِ وَالتَّنْوِينِ تُجْعَلَانِ مَعَ ذَلِكَ مُتَرَاكِبَتَيْنِ وَاحِدَةً فَوْقَ أُخْرَى ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ جَعْلِ الْمَنْصُوبِ وَالْمَخْفُوضِ وَالْمَرْفُوعِ ، فَالسُّفْلَى مِنْهُمَا الْحَرَكَةُ ؛ لِأَنَّهَا تَلِي صُورَةَ الْحَرْفِ . وَالْعُلْيَا التَّنْوِينُ ؛ لِأَنَّهُ آتٍ بَعْدَ الْحَرَكَةِ . هَذَا فِي حَالِ النَّصْبِ وَالرَّفْعِ . وَفِي حَالِ الْخَفْضِ : الْعُلْيَا الْحَرَكَةُ ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَلِي الْحَرْفَ فِيهِ ، وَالسُّفْلَى التَّنْوِينُ ، وَتُجْعَلُ عَلَى حَرْفِ الْحَلْقِ نُقْطَةٌ لَا غَيْرُ ؛ لِيُدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ التَّنْوِينَ مُظْهَرٌ عِنْدَهُ . وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10عَذَابٌ أَلِيمٌ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109جُرُفٍ هَارٍ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=4لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181سَمِيعٌ عَلِيمٌ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34عَلِيمٌ خَبِيرٌ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43عَفُوًّا غَفُورًا ، وَشِبْهِهِ .
وَهَذَا مَعَ الْهَاءِ وَالْحَاءِ وَالْعَيْنِ ، مِنْ حَيْثُ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى بَيَانِ التَّنْوِينِ
[ ص: 69 ] عِنْدَهُنَّ . وَكَذَلِكَ الْهَمْزَةُ أُظْهِرَتْ مُحَقَّقَةً أَوْ أُلْقِيَ حَرَكَتُهَا عَلَى سَاكِنٍ قَبْلَهَا ؛ لِأَنَّهَا مَعَ ذَلِكَ فِي النِّيَّةِ وَالتَّقْدِيرِ . وَأَمَّا الْخَاءُ وَالْغَيْنُ فَمَنْ بَيَّنَ التَّنْوِينَ عِنْدَهُمَا جَعَلَ النُّقْطَتَيْنِ قَبْلَهُمَا مُتَرَاكِبَتَيْنِ ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ . وَمَنْ أَخْفَاهُ عِنْدَهُمَا جَعَلَ النُّقْطَتَيْنِ مُتَتَابِعَتَيْنِ .
وَالْعِلَّةُ فِي تَرَاكُبِ التَّنْوِينِ عِنْدَ حُرُوفِ الْحَلْقِ خَاصَّةً أَنَّهُ لَمَّا كَانَ حُكْمُهُ أَنْ يُبَيَّنَ عِنْدَهُنَّ ، لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ فِي الْمَخْرَجِ ؛ أُبْعِدَتِ النُّقْطَةُ الَّتِي هِيَ عَلَامَتُهُ عَنْ حَرْفِ الْحَلْقِ بِأَنْ جُعِلَتْ فَوْقَ الْحَرَكَةِ ؛ لِيُؤْذَنَ بِذَلِكَ بِانْقِطَاعِهِ وَانْفِصَالِهِ عَنْهُ ، وَيُدَلَّ بِهِ عَلَى تَخْلِيصِهِ وَبَيَانِهِ .
* * *
وَإِنْ أَتَى بَعْدَ الِاسْمِ الْمُنَوَّنِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ مِنَ النَّصْبِ وَالْجَرِّ وَالرَّفْعِ بَاقِي حُرُوفِ الْمُعْجَمِ ، سِوَى حُرُوفِ الْحَلْقِ ، مِنْ حُرُوفِ اللِّسَانِ وَالشَّفَتَيْنِ جُعِلَتِ النُّقْطَتَانِ مِنَ الْحَرَكَةِ وَالتَّنْوِينِ مُتَتَابِعَتَيْنِ وَاحِدَةً أَمَامَ أُخْرَى ، فَالْمُتَقَدِّمَةُ مِنْهُمَا الَّتِي تَلِي الْحَرْفَ هِيَ الْحَرَكَةُ ، وَالْمُتَأَخِّرَةُ هِيَ التَّنْوِينُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ .
فَإِنْ كَانَ الْحَرْفُ الْآتِي بَعْدَهُ أَحَدَ أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ : رَاءٌ ، أَوْ لَامٌ ، أَوْ نُونٌ ، أَوْ مِيمٌ ؛ جُعِلَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَامَةُ التَّشْدِيدِ ؛ لِيُدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ التَّنْوِينَ مُدْغَمٌ فِيهِ ، قَدْ صَارَ مَعَهُ ، مِنْ أَجْلِ الْإِدْغَامِ ، بِمَنْزِلَةِ حَرْفٍ وَاحِدٍ مُشَدَّدٍ . وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=173غَفُورٌ رَّحِيمٌ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5عَلَى هُدًى مِنْ رِّبِّهِمْ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=3عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ ، وَشِبْهِهِ .
[ ص: 70 ] وَإِنْ كَانَ الْحَرْفُ يَاءً أَوْ وَاوًا ؛ فَفِيهِ وَجْهَانِ :
إِنْ نُقِطَ ذَلِكَ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ أَذْهَبَ غُنَّةَ النُّونِ وَالتَّنْوِينِ ، مَعَ الْإِدْغَامِ الصَّحِيحِ الَّذِي لَا يَبْقَى لِلْحَرْفِ الْأَوَّلِ فِيهِ أَثَرٌ ؛ جُعِلَ عَلَى الْيَاءِ وَالْوَاوِ عَلَامَةُ التَّشْدِيدِ ، كَمَا فُعِلَ ذَلِكَ مَعَ الْأَرْبَعَةِ الْأَحْرُفِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، مِنْ حَيْثُ كَانَ إِدْغَامُ التَّنْوِينِ فِيهَا إِدْغَامًا صَحِيحًا . وَإِنْ نُقِطَ ذَلِكَ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ بَيَّنَ الْغُنَّةَ وَلَمْ يُذْهِبْهَا رَأْسًا ؛ جُعِلَ عَلَى الْيَاءِ وَالْوَاوِ نُقْطَةٌ لَا غَيْرُ ؛ لِيُفْرَقَ بِذَلِكَ بَيْنَ الْمَذْهَبَيْنِ ، وَيُدَلَّ بِهِ عَلَى الْقِرَاءَتَيْنِ . وَذَلِكَ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=43يَوْمَئِذٍ يَّصَّدَّعُونَ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=16يَوْمَئِذٍ وَّاهِيَةٌ ، وَشِبْهِهِ . كَذَا نَقْطُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ . وَعَلَى الثَّانِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=43يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=16يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ .
وَإِنْ كَانَ الْحَرْفُ قَافًا أَوْ كَافًا أَوْ جِيمًا أَوْ شِينًا أَوْ غَيْرَهَا مِنْ بَاقِي الْحُرُوفِ الَّتِي يُخْفَى التَّنْوِينُ عِنْدَهَا ، أَوْ يُقْلَبُ ، نَحْوُ الْبَاءِ ، جُعِلَ عَلَى كُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا نُقْطَةٌ فَقَطْ ، وَأُعْرِيَ مِنْ عَلَامَةِ التَّشْدِيدِ ؛ لِعَدَمِهِ فِيهِ رَأْسًا ، بِظُهُورِ صَوْتِ النُّونِ وَالتَّنْوِينِ عِنْدَهُ . فَامْتَنَعَا بِذَلِكَ مِنَ الْقَلْبِ وَالْإِدْغَامِ اللَّذَيْنِ بِهِمَا يَتَحَقَّقُ التَّشْدِيدُ وَيَتَحَصَّلُ التَّثْقِيلُ ، وَذَلِكَ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=43مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=48شَيْئًا nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72جَنَّاتِ عَدْنٍ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=30غَفُورٌ شَكُورٌ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=102يَوْمَئِذٍ زُرْقًا ، وَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=26سَلامًا سَلامًا ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23رِجَالٌ صَدَقُوا ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=30قَوْمًا طَاغِينَ ،
[ ص: 71 ] وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=117حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=106قَوْمًا ضَالِّينَ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=53قَوْمًا فَاسِقِينَ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=25جَنَّاتٍ تَجْرِي ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=10شِهَابٌ ثَاقِبٌ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا ، وَمَا أَشْبَهَهُ ذَلِكَ ، حَيْثُ وَقَعَ . 50 وَالْعِلَّةُ فِي تَتَابُعِ التَّنْوِينِ عِنْدَ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْحُرُوفِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يَخْلُو عِنْدَهَا مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : إِمَّا أَنْ يُدْغَمَ ، وَإِمَّا أَنْ يُخْفَى ، وَإِمَّا أَنْ يُقْلَبَ . وَهَذِهِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ تَجِبُ بِالْقُرْبِ ، أَوْ بِمَعْنًى يَرْجِعُ إِلَيْهِ ، وَكَانَ الْإِدْغَامُ بَابُهُ أَنْ يُدْخَلَ الْأَوَّلُ مِنَ الْمِثْلَيْنِ وَالْمُتَقَارِبَيْنِ فِي الثَّانِي إِدْخَالًا شَدِيدًا ، لَا فُرْجَةَ بَيْنَهُمَا وَلَا فَصْلَ ، لِأَجْلِ الْقَلْبِ وَالتَّشْدِيدِ ، وَكَانَ الْإِخْفَاءُ قَدْ شَارَكَ الْإِدْغَامَ مِنْ طَرِيقِ اشْتِقَاقِ كَلِمَةِ ( أَدْغَمْتُ ) ، وَ ( أَخْفَيْتُ ) مِنْ حَيْثُ كَانَ مَعْنَى ( أَدْغَمْتُ الشَّيْءَ ) : غَيَّبْتُهُ ، وَ ( أَخْفَيْتُهُ ) : سَتَرْتُهُ ، فَكِلَا الْكَلِمَتَيْنِ مَعْنَاهُمَا السُّتْرَةُ الَّتِي ضِدُّ الظُّهُورِ وَالْبَيَانِ . فَلَمَّا كَانَ التَّنْوِينُ لَا يَخْلُو مِمَّا ذَكَرْنَاهُ ، وَكَانَ مَعْنَى الْإِدْغَامِ وَالْإِخْفَاءِ مَا بَيَّنَّاهُ ، قُرِّبَتِ النُّقْطَةُ الَّتِي هِيَ عَلَامَةُ التَّنْوِينِ مِنَ الْحُرُوفِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، دَلَالَةً عَلَى اتِّصَالِهِ بِهَا ، وَدُخُولِهِ فِيهَا ، وَإِعْلَامًا بِالتَّقَارُبِ الْمُوجِبِ لِلْإِدْغَامِ وَالْمُحَقِّقِ لِلْإِخْفَاءِ . وَإِنْ تَبَايَنَا فِي اللَّفْظِ ، وَتَفَاضَلَا فِي الْحَقِيقَةِ فَقَدِ اجْتَمَعَا فِي أَنْ عُدِلَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنِ الْبَيَانِ . وَالْعَرَبُ قَدْ تَحْكُمُ لِلشَّيْءِ بِحُكْمِ الشَّيْءِ إِذَا اجْتَمَعَا فِي بَعْضِ الْمَعَانِي . وَالْفَرْقُ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ بَيْنَهُمَا فِي اللَّفْظِ أَنَّ الْمُدْغَمَ مُشَدَّدٌ وَالْمُخْفَى مُخَفَّفٌ .
* * *
[ ص: 72 ] وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَرَاكُبِ التَّنْوِينِ عِنْدَ حُرُوفِ الْحَلْقِ ، وَتَتَابُعِهِ عِنْدَ غَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ إِجْمَاعٌ مِنَ السَّلَفِ الَّذِينَ ابْتَدَؤُوا النَّقْطُ وَابْتَدَعُوهُ ، وَعَلَيْهِ جَرَى اسْتِعْمَالُ سَائِرِ الْخَلَفِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14248الْخَلِيلُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : كُلُّ مَا اسْتَقْبَلَهُ مِنْ حُرُوفِ الْحَلْقِ حَرْفٌ ، وَهُوَ مُنَوَّنٌ ، نَحْوُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43عَفُوًّا غَفُورًا ؛ فَالنَّقْطُ عَلَى الطُّولِ . وَفِي نَحْوِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=173غَفُورٌ رَّحِيمٌ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=5حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ ؛ النَّقْطُ عَلَى الْعَرْضِ . يُرِيدُ بِالطُّولِ التَّرَاكُبَ ، وَبِالْعَرْضِ التَّتَابُعَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أَبُو عَمْرٍو : وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِمَّنْ عُنِيَ بِصِنَاعَةِ النَّقْطِ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ وَجَّهَ مَعْنَى إِجْمَاعِهِمْ ، وَلَا عَلَّلَ حَقِيقَةَ مَذْهَبِهِمْ فِي تَخْصِيصِ حُرُوفِ الْحَلْقِ بِالتَّرَاكُبِ ، وَمَا عَدَاهَا بِالتَّتَّابُعِ . وَقَدْ سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِهِمْ ، وَذَاكَرْتُ بِهِ جَمَاعَةً مِنْ عُلَمَائِهِمْ ، فَكُلُّهُمْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ اصْطِلَاحٌ مِنَ السَّلَفِ لَزِمَ اتِّبَاعُهُمْ عَلَيْهِ ، وَلَا وَجْهَ لَهُ ، وَلَا عِلَّةَ فِيهِ . وَأَنَّهُمْ لَوْ أَجْمَعُوا عَلَى تَتَابُعِهِ عِنْدَ حُرُوفِ الْحَلْقِ ، وَتَرَاكُبِهِ عِنْدَ مَا عَدَاهَا لَكَانَ كَإِجْمَاعِهِمُ الْأَوَّلِ الْمَعْمُولِ بِهِ . وَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا قَالُوهُ ، وَعَلَى غَيْرِ مَا ظَنُّوهُ ، لِمَا أَوْضَحْنَاهُ مِنْ صِحَّةِ مَعْنَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ . وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .