6333 - حدثنا أحمد بن داود قال : أخبرنا ، قال : ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي محمد بن طلحة ، قال : حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي ، ثم ذكر بإسناده مثله .
ففي هذا الحديث ، ما يدل على إباحة صيد المدينة ، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دل سلمة ، وهو بها ، على موضع الصيد ، وذلك لا يحل بمكة .
[ ص: 196 ] ألا ترى أن رجلا لو دل ، وهو بمكة ، رجلا على صيد من صيدها كان آثما .
فلما كانت المدينة في ذلك ، ليست كمكة ، ثبت أن حكم صيدها ، خلاف حكم صيد مكة ، وفي هذا الحديث أيضا إباحة صيد العقيق .
وقد روينا عن سعد ، في الفصل الأول عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، ما قد روينا ، ففي هذا ما يخالفه .
فأما ما في حديث سعد من إباحة سلب الذي يصيد صيد المدينة ، فإن ذلك - عندنا والله أعلم - كان في وقت ما كانت العقوبات التي تجب بالمعاصي في الأموال .
فمن ذلك ما قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الزكاة أنه قال : من أداها طائعا ، فله أجرها ، ومن لا ، أخذناها منه وشطر ماله .
وما روي عنه ، فيمن سرق ثمرا من أكمامه أن عليه غرامة مثليه ، في نظائر من ذلك كثيرة ، قد ذكرناها في موضعها من كتابنا هذا .
ثم نسخ ذلك ، في وقت نسخ الربا ، فرد الأشياء المأخوذة إلى أمثالها ، إن كان لها أمثال ، وإلى قيمتها إن كان لا مثل لها ، وجعلت العقوبات في انتهاك الحرم في الأبدان ، لا في الأموال .
فهذا وجه ما روي في صيد المدينة .
وأما حكم ذلك من طريق النظر ، فإنا رأينا مكة حراما ، وصيدها وشجرها كذلك ، هذا ما لا اختلاف بين المسلمين فيه .
ثم رأينا من أراد دخول مكة ، لم يكن له أن يدخلها إلا حراما ، فكان دخول الحرم لا يحل لحلال ، كانت حرمة صيده وشجره ، كحرمته في نفسه .
ثم رأينا المدينة ، كل قد أجمع أنه لا بأس بدخولها للرجل حلالا ، فلما لم تكن محرمة في نفسها ، كان حكم صيدها وشجرها ، كحكمها في نفسها .
وكما كان صيد مكة إنما حرم لحرمتها ، ولم تكن المدينة في نفسها حراما ، لم يكن صيدها ، ولا شجرها حراما .
فثبت بذلك قول من ذهب إلى أن صيد المدينة وشجرها كصيد سائر البلدان وشجرها غير مكة .
وهذا أيضا قول ، أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، رحمة الله عليهم أجمعين . ومحمد