الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        5799 - وقد رواه آخرون أيضا على غير ذلك : حدثنا يونس قال : ثنا ابن وهب قال : أخبرني قرة بن عبد الرحمن ، وعمرو بن الحارث ، أن عامر بن يحيى المعافري أخبرهما ، عن حنش أنه قال : كنا مع فضالة بن عبيد في غزوة ، فصارت لي ولأصحابي قلادة فيها ذهب ، وورق ، وجوهر ، فأردت أن أشتريها ، فسألت فضالة ، فقال : انزع ذهبها ، واجعله في الكفة ، واجعل ذهبا في الكفة الأخرى ، ثم لا تأخذن إلا مثلا بمثل ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يأخذن إلا مثلا بمثل .

                                                        فهذا خلاف لما تقدمه من الأحاديث ، لأن فيه أمر فضالة بنزع الذهب وبيعه وحده ، ولم يذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم هو نهيه عن بيع الذهب بالذهب ، إلا وزنا بوزن . فهذا ما لا اختلاف فيه ، والأمر بالتفصيل من قول فضالة رضي الله عنه . فقد يجوز أن يكون أمر بذلك ، على أنه لا يجوز عنده البيع فيها في الذهب ، حتى تفصل .

                                                        [ ص: 75 ] وقد يجوز أن يكون أمر بذلك لإحاطة علمه أن تلك قلادة ، لا يوصل إلى علم ما فيها من الذهب ، ولا إلى مقداره ، إلا بعد أن يفصل منها . فقد اضطرب هذا الحديث ، فلم يوقف على ما أريد منه . فليس لأحد أن يحتج بمعنى من المعاني ، التي روي عليها ، إلا احتج مخالفه عليه بالمعنى الآخر . وقد قدمنا في هذا الباب كيف وجه النظر في ذلك ، وأنه على ما ذهب إليه الذين جعلوا حكم الذهب المبيع مع غيره بالذهب ، لا على قسم الثمن على القيم ، ولكن على أن الذهب مبيع بوزنه من الذهب الثمن ، وما بقي مبيع بما بقي من الثمن . وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمة الله عليهم أجمعين .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية