الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        7419 - حدثنا علي بن شيبة ، قال : ثنا يزيد بن هارون ، قال : أنا سفيان الثوري ، عن معبد بن خالد ، عن مسروق ، عن عائشة رضي الله عنها ، في ابنتين وبنات ابن ، وبني ابن ، وفي أختين لأب وأم ، وإخوة وأخوات لأب : أنها أشركت بين بنات الابن ، وبني الابن ، وبني الإخوة والأخوات ، من الأب ، فيما بقي .

                                                        قال : وكان عبد الله لا يشرك بينهما .

                                                        وقال قوم ، في ابنة وعصبة : إن للابنة جميع المال ، ولا شيء للعصبة .

                                                        فكفى بهم جهلا في تركهم قول كل الفقهاء إلى قول لم يعلم أنه قال به قبلهم ، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا من تابعيهم ، مع أن ما ذهبوا إليه من ذلك فساده بنص القرآن ؛ لأن الله عز وجل يقول : يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين .

                                                        فبين الله عز وجل لنا بذلك ، كيف حكم الأولاد في المواريث ، إذا كانوا ذكورا أو إناثا .

                                                        ثم قال الله عز وجل : فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك . فبين لنا حكم الأولاد في المواريث ، إذا كانوا نساء .

                                                        ثم قال الله عز وجل : وإن كانت واحدة فلها النصف ، فبين لنا حكم ميراث الابنة الواحدة .

                                                        فلما بين لنا مواريث الأولاد على هذه الجهات ، علمنا بذلك أن حكم ميراث الواحدة ، لا يخرج من هذه الجهات الثلاث .

                                                        واستحال أن يسمي الله عز وجل ، للابنة النصف ، وللبنات الثلثين ، ولهن أكثر من ذلك إلا لمعنى آخر يبينه في كتابه ، أو على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما أبان في مواريث ذوي الأرحام .

                                                        ولو كانت الابنة ترث المال كله ، دون العصبة ، لما كان لذكر الله عز وجل النصف معنى ، ولأهمل أمرها ، كما أهمل الابن .

                                                        فلما بين لها ما ذكرنا ، كان توقيفا منه - عز وجل - إيانا ، على ما سمى لها من ذلك هو سهمها ، كما كان ما سمى للأخوات من قبل الأب والأم بقوله : وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث .

                                                        [ ص: 395 ] فكان ما بقي بعد الذي سمي لهن للعصبات .

                                                        وكذلك مما سمي للزوج والمرأة ، فيما بقي بعد الذي سمي لهما للعصبة .

                                                        فكذلك الابنة أيضا ، ما بقي بعد الذي سمي لها للعصبة ، هذا دليل قائم صحيح في هذه الآية .

                                                        ثم رجعنا إلى قوله عز وجل : إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت ، فلم يبين لنا عز وجل هاهنا من ذلك الولد .

                                                        فدلنا ما تقدم من قوله في الآية التي وقفنا فيها على أنصباء الأولاد ، أن ذلك الولد هو ما تقدم من الولد الذي سمى له الفرض في الآية الأخرى .

                                                        ثم قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرنا أيضا .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية