الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        5885 - حدثنا أحمد بن داود قال : ثنا مسدد قال : ثنا يحيى ، عن شعبة ، قال : حدثني منصور ، عن مسلم ، عن مسروق ، عن عائشة ، مثله .

                                                        فلما حرم الربا حرمت أشكاله كلها ، وردت الأشياء المأخوذة إلى أبدالها المساوية لها ، وحرم بيع اللبن في الضروع ، فدخل في ذلك النهي عن النفقة التي يملك بها المنفق لبنا في الضروع ، وتلك النفقة ، فغير موقوف على مقدارها ، واللبن كذلك أيضا .

                                                        فارتفع بنسخ الربا أن تجب النفقة على المرتهن بالمنافع التي يجب له عوضا منها ، وباللبن الذي يحتلبه فيشربه ، ويقال لمن صرف ذلك إلى الراهن ، فجعل له استعمال الرهن : أيجوز للراهن أن يرهن رجلا دابة هو راكبها ؟ فلا يجد بدا من أن يقول : لا .

                                                        [ ص: 100 ] فيقال له : فإذا كان الرهن لا يجوز إلا أن يكون مخلى بينه وبين المرتهن فيقبضه ، ويصير في يده دون يد الراهن كما وصف الله عز وجل الرهن بقوله : فرهان مقبوضة فيقول : نعم .

                                                        فيقال له : فلما لم يجز أن يستقبل الرهن على ما الراهن راكبه لم يجز ثبوته في يده بعد ذلك رهنا بحقه إلا لذلك أيضا ؛ لأن دوام القبض لا بد منه في الرهن ؛ إذ كان الرهن إنما هو احتباس المرتهن للشيء المرهون بالدين ، وفي ذلك أيضا ما يمنع المرتهن من استخدام الأمة الرهن ؛ لأنها ترجع بذلك إلى حال لا يجوز عليها استقبال الرهن .

                                                        وحجة أخرى : أنهم قد أجمعوا أن الأمة الرهن ليس للراهن أن يطأها ، وللمرتهن منعه من ذلك .

                                                        فكما كان المرتهن يمنع الراهن بحق الرهن من وطئها كان له أيضا أن يمنعه بحق الرهن من استخدامها .

                                                        وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد رحمة الله عليهم .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية