وقال رحمه الله تعالى في أبو حنيفة بعد القسمة أو قبلها أنه يأخذه بغير قيمة وإن كان المشركون أسروه فأصابه سيده قبل القسمة أخذه بغير شيء وإن أصابه بعد القسمة أخذه بالقيمة وقال العبد المسلم يأبق إلى دار الحرب فأصابه المسلمون فأدركه سيده في الغنيمة الأوزاعي إن كان أبق منهم وهو مسلم استتيب فإن رجع إلى الإسلام رده إلى سيده وإن أبى قتل وإن أبق وهو كافر خرج من سيده ما كان يملكه وأمره إلى الإمام إن شاء قتله وإن شاء صلبه ولو كان أخذ أسيرا لم يحل قتله ورد على صاحبه بالقيمة إن شاء وقال لم يرجع هذا العبد عن الإسلام في شيء من الوجوه ولم تكن المسألة على ذلك وإنما كان وجه المسألة أن يحوز المشركون العبد إليهم كما يحوزون العبد الذي اشتروه . وأما قوله في الصلب فلم تمض بهذا سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه فيما نعلم ولم يبلغنا ذلك في مثل هذا وإنما الصلب في قطع الطريق إذا قتل وأخذ المال . قال حدثنا أبو يوسف الحسن بن عمارة عن عن الحكم بن عتيبة مقسم عن { ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد وبعير أحرزهما العدو ثم ظفر بهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبهما إن أصبتهما قبل القسمة فهما لك } قال عن عبيد الله بن عمر عن نافع في عبد أحرزه العدو فظفر به المسلمون فرده على صاحبه . قال وحدثنا ابن عمر عن الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { عبد الله بن عمر } قال المسلمون يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويعقد عليهم أولهم ويرد عليهم لقطاؤهم فهذا عندنا على العبد الآبق وشبهه . وقوله ويرد متسريهم على قاعدهم فهذا عندنا في الجيش إذا غنمت السرية رد الجيش على الفقراء القعد فيهم بهذا الحديث وقال أبو يوسف الذي يأسره العدو وقد أحرزوه وملكوه فإذا أصابه المسلمون فالقول فيه ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا أبق إليهم فهذا مما لا يجوز ألا ترى أن عبيد المسلمين لو حاربوا المسلمين وهم على الإسلام لم يلحقوا بالعدو فقاتلوا وهم مقرون بالإسلام فظهر المسلمون عليهم فأخذوهم أنهم يردون إلى مواليهم فأما الصلب فليس يدخل فيما ههنا . أبو يوسف
( قال ) رحمه الله تعالى فرق الشافعي بين العبد إن أبق إلى العدو ; والعبد يحرزه العدو ولا فرق بينهما وهما لسيدهما إذا ظفر بهما وحالهم قبل يقسمان وحالهم بعد القسمة سواء ، وإن كان للسيد أن يأخذهما قبل القسم أخذهما بعده وقد قال هذا بعض أهل العلم وإن لم يكن له أخذ أحدهما إلا بثمن لم يكن له أن يأخذ الآخر إلا بثمن قال أبو حنيفة إذا كان السبي رجالا ونساء وأخرجوا إلى دار الإسلام فإني أكره أن يباعوا من أهل الحرب فيتقووا . قال أبو حنيفة الأوزاعي كان المسلمون لا يرون بأسا وكانوا يكرهون بيع الرجال إلا أن يفادى بهم أسارى المسلمين وقال ببيع السبايا لا ينبغي أن يباع منهم رجل ولا صبي ولا امرأة لأنهم قد خرجوا إلى دار الإسلام فأكره أن يردوا إلى دار الحرب ألا ترى أنه لو مات من الصبيان صبي ليس معه أبواه ولا أحدهما صليت عليه لأنه في أيدي المسلمين وفي دارهم وأما الرجال والنساء فقد صاروا فيئا للمسلمين فأكره أن يردوا إلى دار الحرب أرأيت تاجرا مسلما أراد أن يدخل دار الحرب برقيق للمسلمين كفار أو رقيق من رقيق أبو يوسف أهل الذمة رجالا ونساء أكنت تدعه وذلك ؟ ألا ترى أن هذا مما يتكثرون وتعمر بلادهم ألا ترى أني لا أترك تاجرا يدخل إليهم بشيء من السلاح والحديد وشيء من الكراع مما يتقوون به في القتال ألا ترى أن هؤلاء قد صاروا مع المسلمين ولهم في ملكهم ولا ينبغي أن يفتنوا ولا يصنع [ ص: 368 ] بهم ما يقرب إلى الفتنة وأما مفاداة المسلم بهم فلا بأس بذلك .
( قال ) رحمه الله تعالى إذا الشافعي فلا بأس أن يباعوا من أهل الحرب ولا بأس في الرجال البالغين بأن يمن عليهم أو يفادي بهم ويؤخذ منهم على أن يخلوا والذي قال سبى المسلمون رجالا ونساء وصبيانهم معهم من هذا خلاف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسارى يوم أبو يوسف بدر فقتل بعضهم وأخذ الفدية من بعضهم ومن على بعض ثم أسر بعدهم بدهر ثمامة بن أثال فمن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مشرك ثم أسلم بعد ومن على غير واحد من رجال المشركين ووهب الزبير بن باطا ليمن عليه فسأل لثابت بن قيس بن شماس أن يقتله وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم سبي الزبير بني قريظة فيهم النساء والولدان فبعث بثلث إلى نجد وثلث إلى تهامة وثلث قبل الشام فبيعوا في كل موضع من المشركين وفدى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا برجلين . أخبرنا سفيان بن عيينة عن وعبد الوهاب الثقفي أيوب عن عن أبي قلابة أبي المهلب عن { عمران بن حصين } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فدى رجلا برجلين
( قال ) فأما الصبيان إذا صاروا إلينا ليس مع واحد منهم أحد والديه فلا نبيعهم منهم ولا يفادى بهم لأن حكمهم حكم آبائهم ما كانوا معهم فإذا تحولوا إلينا ولا والد مع أحد منهم فإن حكمه حكم مالكه وأما قول الشافعي يقوى بهم أهل الحرب فقد يمن الله عليهم بالإسلام ويدعون إليه فيمن على غيرهم بهم وهذا مما يحل لنا أرأيت صلة أهل الحرب بالمال وإطعامهم الطعام أليس بأقوى لهم في كثير من الحالات من بيع عبد أو عبدين منهم وقد { أبي يوسف فقالت إن أمي أتتني وهي راغبة في عهد لأسماء بنت أبي بكر قريش أفأصلها ؟ قال نعم } وأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنه فكسا ذا قرابة له لعمر بن الخطاب بمكة وقال الله عز وجل { ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا } مع ما وصفت من بيع النبي صلى الله عليه وسلم من المشركين سبي بني قريظة فأما الكراع والسلاح فلا أعلم أحدا رخص في بيعهما وهو لا يجيز أن نبيعهما .