( باب الظاهر لغة ) أي في اللغة خلاف الباطن . وهو ( الواضح ) المنكشف . ومنه ظهر الأمر : إذا اتضح وانكشف . ويطلق على الشيء الشاخص المرتفع ، كما أن الظاهر من الأشخاص : هو المرتفع الذي تبادر إليه الأبصار كذلك في المعاني ( و ) الظاهر ( اصطلاحا ) أي في اصطلاح الأصوليين ( ما ) أي لفظ ( دل دلالة ظنية وضعا ) كأسد ( أو عرفا ) كغائط . فالظاهر الذي يفيد معنى مع احتمال غيره ، لكنه ضعيف ، فبسبب ضعفه خفي . فلذلك سمي اللفظ لدلالته على مقابله - وهو القوي - ظاهرا كالأسد ، فإنه ظاهر في الحيوان المفترس ويحتمل أن يراد به الرجل الشجاع مجازا . لكنه احتمال ضعيف ، والكلام في دلالة اللفظ الواحد ليخرج المجمل مع المبين ; لأنه - وإن أفاد معنى لا يحتمل غيره - فإنه لا يسمى مثله نصا ( والتأويل لغة : الرجوع ) وهو من آل يئول : إذا رجع . ومنه قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7ابتغاء تأويله } أي طلب ما يئول إليه معناه ، وهو مصدر أولت الشيء ، أي فسرته ، من آل إذا رجع ; لأنه رجوع من الظاهر إلى ذلك الذي آل إليه في دلالته قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=53هل ينظرون إلا تأويله } أي ما يئول إليه بعثهم ونشورهم . وأكثر ما يستعمل " التأويل " في المعاني وأكثره في الجمل ، وأكثر ما يستعمل " التفسير " في الألفاظ ، وأكثره في المفردات ( و ) التأويل ( اصطلاحا : حمل ) معنى ( ظاهر ) اللفظ ( على ) معنى ( محتمل مرجوح ) وهذا يشمل التأويل الصحيح والفاسد . ( وزد )
[ ص: 442 ] في الحد ( لصحيحه ) أي إن أردت أن تحد التأويل الصحيح - قولك ( بدليل ) أي حمله بدليل ( يصيره ) أي يصير الحمل ( راجحا ) على مدلوله الظاهر ، فيصير حد التأويل الصحيح : حمل ظاهر على محتمل مرجوح بدليل يصير راجحا ، وعلم مما تقدم أن الحمل بلا دليل محقق ، لشبه يخيل للسامع أنها دليل وعند التحقيق تضمحل - يسمى تأويلا فاسدا .
وأن حمل معنى اللفظ على ظاهره لا يسمى تأويلا ، وكذا حمل " المشترك " ونحوه من المتساوي على أحد محمليه أو محامله لدليل ، إذا تقرر هذا ( فإن قرب )
nindex.php?page=treesubj&link=21294التأويل ( كفى أدنى مرجح ) نحو قوله سبحانه وتعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إذا قمتم إلى الصلاة } أي إذا عزمتم على القيام ( وإن بعد ) التأويل من الإرادة ; لعدم قرينة عقلية أو حالية ، أو مقالية تدل عليه ( افتقر ) في حمل اللفظ عليه ، وصرفه عن الظاهر ( إلى أقوى ) مرجح ( وإن تعذر ) الحمل لعدم الدليل ( رد ) التأويل وجوبا .
( فمن ) التأويل ( البعيد تأويل الحنفية {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46758قوله صلى الله عليه وسلم لمن أسلم على عشر نسوة } اختر - وفي لفظ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2247أمسك - منهن أربعا وفارق سائرهن } على ابتداء النكاح ، أو إمساك الأوائل ) أي ابتداء نكاح أربع منهن إن كان عقد عليهن معا ، وإن كان تزوجهن متفرقات على إمساك الأربع الأوائل ، ووجه بعده أن الفرقة لو وقعت بالإسلام لم يخيره ، وقد خيره والمتبادر عند السماع من الإمساك : الاستدامة ، والسؤال وقع عنه وخص التزويج فيهن . ولم يبين له شروط النكاح مع مسيس الحاجة إليه ، لقرب إسلامه .
وأيضا لم ينقل عنه ، ولا عن غيره ممن أسلم على أكثر من أربع : أنه جدد النكاح وأيضا فالابتداء محتاج إلى رضى من يبتديها ويصير التقدير : فارق الكل وابتدئ بعد ذلك من شئت . فيضيع قوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46759اختر أربعا } ; لأنه قد لا يرضين أو بعضهن وأيضا الأمر للوجوب وكيف يجب عليه ابتداؤه . وليس بواجب في الأصل ومن ثم قال
أبو زيد الدبوسي من الحنفية : هذا الحديث لا تأويل فيه ولو صح عندي لقلت به ( وأبعد منه ) أي من التأويل السابق تأويلهم ( قوله صلى الله عليه وسلم لمن أسلم عن أختين {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13230اختر أيتهما شئت }
[ ص: 443 ] على أحد الأمرين ) يعني على ابتداء نكاح إحداهما ، إن كان قد تزوجهما في عقد واحد ، أو إمساك الأولى منهما ، إن كان قد تزوجهما مفترقتين .
وإنما كان أبعد من الذي قبله ; لأن النافي للتأويل المذكور في الأول : هو الأمر الخارج عن اللفظ ، وهو شهادة الحال ، وهنا انضم إلى شهادة الحال مانع لفظا . وهو قوله عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46760أيتهما شئت } فإن بتقدير نكاحهما على الترتيب تعيين الأولى للاختيار ولفظ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46760أيتهما شئت } يأباه . وللحنفية تأويل ثالث في الحديثين وهو أنه لعله أن يكون هذا كان قبل حصر النساء في أربع ، وقبل تحريم الجمع بين الأختين وهو مردود بما سبق ( و ) تأويلهم أيضا ( إطعام ستين مسكينا ) من قوله - سبحانه وتعالى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فإطعام ستين مسكينا } ( على إطعام طعام ستين ) فعلى هذا التأويل : لو رددها المخرج على مسكين واحد ستين يوما أجزأته قالوا : لأن المقصود دفع الحاجة ودفع حاجة ستين كحاجة واحد في ستين يوما . فجعلوا المعدوم - وهو : طعام " - مذكورا مفعولا به . والمذكور - وهو قوله " ستين " - معدوما لم يجعلوه مفعولا به ، مع ظهور قصد العدد لفضل الجماعة وبركتهم وتضافرهم على الدعاء للمحسن .
وهذا لا يوجد في الواحد وأيضا حمله على ذلك تعطيل للنص ، ولهذه الحكمة شرعت الجماعة في الصلاة وغيرها وأيضا فلا يجوز استنباط معنى من النص يعود عليه بالإبطال ( وأبعد من ذلك ) المتقدم ذكره من التأويل ( تأويلهم ) ما في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود والترمذي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله تعالى عنهما في الغنم ( {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25001في أربعين شاة شاة } على قيمتها ) أي قيمة شاة قالوا : لأن اندفاع الحاجة كما يكون بالشاة يكون بالقيمة وهو يؤدي إلى بطلان الأصل ; لأنه إذا وجبت القيمة لم تجب الشاة فعاد هذا الاستنباط على النص بالإبطال ، وذلك غير جائز ، ورد بأنهم لم يبطلوا إخراج الشاة بل قالوا بالتخيير بين الشاة وقيمة الشاة وهو استنباط يعود بالتعميم ، كما في {
nindex.php?page=hadith&LINKID=42753وليستنج بثلاثة أحجار } يعم في الخرق ونحوها ، وفي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31887لا يقضي القاضي وهو غضبان } يعم في كل ما يشوش الفكر ولا يعود بالإبطال .
وأجيب عن ذلك : بأن الشارع لعله راعى أن يأخذ
[ ص: 444 ] الفقير من جنس مال الغني فيتشاركان في الجنس فتبطل القيمة فعاد بالبطلان من هذه الجهة وباب الزكاة فيه ضرب من التعبد قال
البرماوي : وأيضا فإذا كان التقدير " قيمة شاة " يكون قولهم بإجزاء الشاة ليس بالنص : بل بالقياس فيترك المنصوص ظاهرا ويخرج ، ثم يدخل بالقياس ، فهذا عائد بإبطال النص لا محالة . انتهى .
ووجه كونه أبعد مما قبله : لأنه يلزم أن لا تجب الشاة كما تقدم . وكل فرع استنبط من أصل يبطل ببطلانه ( و ) تأويلهم قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46762أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل } وفي رواية {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46763باطل باطل باطل } ( على الصغيرة والأمة والمكاتبة ) ووجه بعد هذا التأويل : أن الصغيرة ليست بامرأة في لسان
العرب وقد ألزموا بسقوط هذا التأويل على مذهبهم فإن الصغيرة لو زوجت نفسها كان العقد عندهم صحيحا لا يتوقف على إجازة الولي قاله
البرماوي . فلما ألزموا بذلك فروا إلى حمله على الأمة فألزموا ببطلانه بقول النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46764فلها المهر } ومهر الأمة إنما هو لسيدها ففروا من ذلك إلى حمله على المكاتبة فقيل لهم : هو أيضا باطل ; لأن حمل صيغة العموم الصريحة وهي " أي " المؤكدة بما معها في قوله " أيما " على صورة نادرة لا تخطر ببال المخاطبين غالبا في غاية البعد .
( و ) تأويلهم أيضا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30897لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود والترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر على خلاف في رفعه ووقفه ( على ) صوم ( القضاء والنذر المطلق ) بناء منهم على مذهبهم في صحة الفرض بنية من النهار قال
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب : فجعلوه كاللغز في حملهم العام على صورة نادرة فإن ثبت ما ادعوه من الحكم بدليل - كما قالوا - فليطلب لهذا الحديث تأويل قريب عن هذا التأويل مثل نفي الكمال . قال
إمام الحرمين : وهو أقرب من التأويل السابق ( و ) تأويلهم أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد مرفوعا ( {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11877ذكاة الجنين ذكاة أمه } على التشبيه ) ونصب {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11877ذكاة أمه } على تقدير كذكاة أمه ، فنصب على إسقاط الخافض ، وهو
[ ص: 445 ] كاف التشبيه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13394ابن عمرون : تقديرهم حذف الكاف ليس بشيء ; لأنه يلزم منه جواز قولك : زيد عمرا ، أي كعمرو وأيضا فحذف حرف الخفض من غير سبق فعل يدل على التوسع فيه وعلى تقدير صحته : فيجوز أن يكون على الظرفية ، أي وقت ذكاة أمه ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وهذا دليل الجماعة ; لأن الثاني إنما يكون وقتا للأول إذا أغنى الفعل الثاني عن الأول ، ويرجح هذا التقدير موافقته لرواية الرفع .
لكن الجمهور وهموا رواية النصب وقالوا : المحفوظ الرفع كما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وغيره ، إما لأن " ذكاة " الأول خبر مقدم . و " ذكاة " الثاني هو المبتدأ ، أي ذكاة أم الجنين ذكاة له ، وإلا لم يكن للجنين مزية . وحقيقة الجنين ما كان في البطن فعلم أنه ليس المراد أنه يذكى كذكاة أمه ، بل إن ذكاة أمه ذكاة له كافية عن تذكيته . ويؤيده رواية
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11877ذكاة الجنين في ذكاة أمه } ( و ) تأويلهم أيضا قوله - سبحانه وتعالى - في آيتي الفيء والغنيمة ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41ولذي القربى } : على الفقراء ) دون الأغنياء ( منهم ) أي من ذوي القربى قالوا : لأن المقصود دفع الخلة ، ولا خلة مع الغنى فعطلوا لفظ العموم مع ظهور أن القرابة هي سبب استحقاقهم ولو مع الغنى ، لتعظيمها وتشريفها مع إضافته فاللام التمليك ، ولا يلزمنا نحن المالكية والشافعية ذلك في اليتيم ، للخلاف فيه فإن عللوا بالفقر ولم تكن قرابة عطلوا لفظ " ذي القربى " ، وإن اعتبروهما معا فلا يبعد وغايته : تخصيص عموم ، كما فعله
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في أحد القولين في تخصيص اليتامى بذوي الحاجة .
( و ) من التأويل البعيد تأويل ( المالكية والشافعية ) متن حديث رواه أحمد
nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني والترمذي - وقال : لا نعرفه مسندا إلا من حديث
حماد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12959الحسن وروي من قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، ومن قول
nindex.php?page=showalam&ids=12959الحسن - وهو ( {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37438من ملك ذا رحم محرم فهو حر } على عمودي نسبه ) ، وإنما كان بعيدا : لقصر اللفظ العام على بعض مدلولاته من غير دليل قال
ابن مفلح وغيره : لعموم اللفظ وظهور قصده للتنبيه على حرمة المحرم وصلته قال
الكوراني : فإن قلت لما وجه ما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، إذا لم يكن هذا التأويل صحيحا عندكم ؟ قلت : لما دل الدليل على أن الرق لا يزول إلا بالعتق قاس عتق
[ ص: 446 ] الأصول والفروع على وجوب النفقة ، إذ لا تجب عنده إلا للأصول والفروع أو بالحديث الصحيح الوارد في
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46765لا يجزي ولد والده إلا أن يجده عبدا فيشتريه فيعتقه } أي بنفس الشراء وقد وافقه الخصم على هذا ، وبالآية الكريمة في عتق الولد وهي قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=26وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون } وجه الدلالة : أنه سبحانه وتعالى أبطل إثبات الولدية بإثبات العبودية فعلم أنهما لا يجتمعان .
( بَابُ الظَّاهِرِ لُغَةً ) أَيْ فِي اللُّغَةِ خِلَافُ الْبَاطِنِ . وَهُوَ ( الْوَاضِحُ ) الْمُنْكَشِفُ . وَمِنْهُ ظَهَرَ الْأَمْرُ : إذَا اتَّضَحَ وَانْكَشَفَ . وَيُطْلَقُ عَلَى الشَّيْءِ الشَّاخِصِ الْمُرْتَفِعِ ، كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْأَشْخَاصِ : هُوَ الْمُرْتَفِعُ الَّذِي تَبَادَرُ إلَيْهِ الْأَبْصَارُ كَذَلِكَ فِي الْمَعَانِي ( وَ ) الظَّاهِرُ ( اصْطِلَاحًا ) أَيْ فِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ ( مَا ) أَيْ لَفْظٌ ( دَلَّ دَلَالَةً ظَنِّيَّةً وَضْعًا ) كَأَسَدٍ ( أَوْ عُرْفًا ) كَغَائِطٍ . فَالظَّاهِرُ الَّذِي يُفِيدُ مَعْنًى مَعَ احْتِمَالِ غَيْرِهِ ، لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ ، فَبِسَبَبِ ضَعْفِهِ خَفِيَ . فَلِذَلِكَ سُمِّيَ اللَّفْظُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى مُقَابِلِهِ - وَهُوَ الْقَوِيُّ - ظَاهِرًا كَالْأَسَدِ ، فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْحَيَوَانِ الْمُفْتَرِسِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الرَّجُلُ الشُّجَاعُ مَجَازًا . لَكِنَّهُ احْتِمَالٌ ضَعِيفٌ ، وَالْكَلَامُ فِي دَلَالَةِ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ لِيَخْرُجَ الْمُجْمَلُ مَعَ الْمُبَيَّنِ ; لِأَنَّهُ - وَإِنْ أَفَادَ مَعْنًى لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ - فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى مِثْلُهُ نَصًّا ( وَالتَّأْوِيلُ لُغَةً : الرُّجُوعُ ) وَهُوَ مِنْ آلَ يَئُولُ : إذَا رَجَعَ . وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7ابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ } أَيْ طَلَبَ مَا يَئُولُ إلَيْهِ مَعْنَاهُ ، وَهُوَ مَصْدَرُ أَوَّلْت الشَّيْءَ ، أَيْ فَسَّرْته ، مِنْ آلَ إذَا رَجَعَ ; لِأَنَّهُ رُجُوعٌ مِنْ الظَّاهِرِ إلَى ذَلِكَ الَّذِي آلَ إلَيْهِ فِي دَلَالَتِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=53هَلْ يَنْظُرُونَ إلَّا تَأْوِيلَهُ } أَيْ مَا يَئُول إلَيْهِ بَعْثُهُمْ وَنُشُورُهُمْ . وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ " التَّأْوِيلُ " فِي الْمَعَانِي وَأَكْثَرُهُ فِي الْجُمَلِ ، وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ " التَّفْسِيرُ " فِي الْأَلْفَاظِ ، وَأَكْثَرُهُ فِي الْمُفْرَدَاتِ ( وَ ) التَّأْوِيلُ ( اصْطِلَاحًا : حَمْلُ ) مَعْنًى ( ظَاهِرِ ) اللَّفْظِ ( عَلَى ) مَعْنًى ( مُحْتَمَلٍ مَرْجُوحٍ ) وَهَذَا يَشْمَلُ التَّأْوِيلَ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ . ( وَزِدْ )
[ ص: 442 ] فِي الْحَدِّ ( لِصَحِيحِهِ ) أَيْ إنْ أَرَدْت أَنْ تَحِدَّ التَّأْوِيلَ الصَّحِيحَ - قَوْلَك ( بِدَلِيلٍ ) أَيْ حَمْلَهُ بِدَلِيلٍ ( يُصَيِّرُهُ ) أَيْ يُصَيِّرُ الْحَمْلَ ( رَاجِحًا ) عَلَى مَدْلُولِهِ الظَّاهِرِ ، فَيَصِيرُ حَدُّ التَّأْوِيلِ الصَّحِيحِ : حَمْلَ ظَاهِرٍ عَلَى مُحْتَمَلٍ مَرْجُوحٍ بِدَلِيلٍ يَصِيرُ رَاجِحًا ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَمْلَ بِلَا دَلِيلٍ مُحَقَّقٍ ، لِشَبَهٍ يُخَيَّلُ لِلسَّامِعِ أَنَّهَا دَلِيلٌ وَعِنْدَ التَّحْقِيقِ تَضْمَحِلُّ - يُسَمَّى تَأْوِيلًا فَاسِدًا .
وَأَنَّ حَمْلَ مَعْنَى اللَّفْظِ عَلَى ظَاهِرِهِ لَا يُسَمَّى تَأْوِيلًا ، وَكَذَا حَمْلُ " الْمُشْتَرَكِ " وَنَحْوِهِ مِنْ الْمُتَسَاوِي عَلَى أَحَدِ مَحْمَلَيْهِ أَوْ مَحَامِلِهِ لِدَلِيلٍ ، إذَا تَقَرَّرَ هَذَا ( فَإِنْ قَرُبَ )
nindex.php?page=treesubj&link=21294التَّأْوِيلُ ( كَفَى أَدْنَى مُرَجِّحٍ ) نَحْوَ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ } أَيْ إذَا عَزَمْتُمْ عَلَى الْقِيَامِ ( وَإِنْ بَعُدَ ) التَّأْوِيلُ مِنْ الْإِرَادَةِ ; لِعَدَمِ قَرِينَةٍ عَقْلِيَّةٍ أَوْ حَالِيَّةٍ ، أَوْ مَقَالِيَّةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ ( افْتَقَرَ ) فِي حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ ، وَصَرْفِهِ عَنْ الظَّاهِرِ ( إلَى أَقْوَى ) مُرَجِّحٍ ( وَإِنْ تَعَذَّرَ ) الْحَمْلُ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ ( رُدَّ ) التَّأْوِيلُ وُجُوبًا .
( فَمِنْ ) التَّأْوِيلِ ( الْبَعِيدِ تَأْوِيلُ الْحَنَفِيَّةِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46758قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ } اخْتَرْ - وَفِي لَفْظٍ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2247أَمْسِكْ - مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ } عَلَى ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ ، أَوْ إمْسَاكِ الْأَوَائِلِ ) أَيْ ابْتِدَاءِ نِكَاحِ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ إنْ كَانَ عَقَدَ عَلَيْهِنَّ مَعًا ، وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ مُتَفَرِّقَاتٍ عَلَى إمْسَاكِ الْأَرْبَعِ الْأَوَائِلِ ، وَوَجْهُ بُعْدِهِ أَنَّ الْفُرْقَةَ لَوْ وَقَعَتْ بِالْإِسْلَامِ لَمْ يُخَيِّرْهُ ، وَقَدْ خَيَّرَهُ وَالْمُتَبَادَرُ عِنْدَ السَّمَاعِ مِنْ الْإِمْسَاكِ : الِاسْتِدَامَةُ ، وَالسُّؤَالُ وَقَعَ عَنْهُ وَخَصَّ التَّزْوِيجَ فِيهِنَّ . وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ شُرُوطَ النِّكَاحِ مَعَ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ ، لِقُرْبِ إسْلَامِهِ .
وَأَيْضًا لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ ، وَلَا عَنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ : أَنَّهُ جَدَّدَ النِّكَاحَ وَأَيْضًا فَالِابْتِدَاءُ مُحْتَاجٌ إلَى رِضَى مَنْ يَبْتَدِيهَا وَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ : فَارِقْ الْكُلَّ وَابْتُدِئَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ شِئْت . فَيُضَيِّعُ قَوْلَهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46759اخْتَرْ أَرْبَعًا } ; لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْضَيْنَ أَوْ بَعْضُهُنَّ وَأَيْضًا الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهِ ابْتِدَاؤُهُ . وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي الْأَصْلِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ
أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ : هَذَا الْحَدِيثُ لَا تَأْوِيلَ فِيهِ وَلَوْ صَحَّ عِنْدِي لَقُلْت بِهِ ( وَأَبْعَدُ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ التَّأْوِيلِ السَّابِقِ تَأْوِيلُهُمْ ( قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ أَسْلَمَ عَنْ أُخْتَيْنِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13230اخْتَرْ أَيَّتَهُمَا شِئْت }
[ ص: 443 ] عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ ) يَعْنِي عَلَى ابْتِدَاءِ نِكَاحِ إحْدَاهُمَا ، إنْ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ ، أَوْ إمْسَاكِ الْأُولَى مِنْهُمَا ، إنْ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَهُمَا مُفْتَرِقَتَيْنِ .
وَإِنَّمَا كَانَ أَبْعَدَ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ ; لِأَنَّ النَّافِيَ لِلتَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْأَوَّلِ : هُوَ الْأَمْرُ الْخَارِجُ عَنْ اللَّفْظِ ، وَهُوَ شَهَادَةُ الْحَالِ ، وَهُنَا انْضَمَّ إلَى شَهَادَةِ الْحَالِ مَانِعٌ لَفْظًا . وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46760أَيَّتَهُمَا شِئْتَ } فَإِنَّ بِتَقْدِيرِ نِكَاحِهِمَا عَلَى التَّرْتِيبِ تَعْيِينَ الْأُولَى لِلِاخْتِيَارِ وَلَفْظُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46760أَيَّتَهُمَا شِئْت } يَأْبَاهُ . وَلِلْحَنَفِيَّةِ تَأْوِيلٌ ثَالِثٌ فِي الْحَدِيثَيْنِ وَهُوَ أَنَّهُ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا كَانَ قَبْلَ حَصْرِ النِّسَاءِ فِي أَرْبَعٍ ، وَقَبْلَ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا سَبَقَ ( وَ ) تَأْوِيلُهُمْ أَيْضًا ( إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ) مِنْ قَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا } ( عَلَى إطْعَامِ طَعَامِ سِتِّينَ ) فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ : لَوْ رَدَّدَهَا الْمُخْرِجُ عَلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ سِتِّينَ يَوْمًا أَجْزَأَتْهُ قَالُوا : لِأَنَّ الْمَقْصُودَ دَفْعُ الْحَاجَةِ وَدَفْعُ حَاجَةِ سِتِّينَ كَحَاجَةِ وَاحِدٍ فِي سِتِّينَ يَوْمًا . فَجَعَلُوا الْمَعْدُومَ - وَهُوَ : طَعَامٌ " - مَذْكُورًا مَفْعُولًا بِهِ . وَالْمَذْكُورُ - وَهُوَ قَوْلُهُ " سِتِّينَ " - مَعْدُومًا لَمْ يَجْعَلُوهُ مَفْعُولًا بِهِ ، مَعَ ظُهُورِ قَصْدِ الْعَدَدِ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَبَرَكَتِهِمْ وَتَضَافُرِهِمْ عَلَى الدُّعَاءِ لِلْمُحْسِنِ .
وَهَذَا لَا يُوجَدُ فِي الْوَاحِدِ وَأَيْضًا حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ تَعْطِيلٌ لِلنَّصِّ ، وَلِهَذِهِ الْحِكْمَةِ شُرِعَتْ الْجَمَاعَةُ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَأَيْضًا فَلَا يَجُوزُ اسْتِنْبَاطُ مَعْنًى مِنْ النَّصِّ يَعُودُ عَلَيْهِ بِالْإِبْطَالِ ( وَأَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ ) الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ مِنْ التَّأْوِيلِ ( تَأْوِيلُهُمْ ) مَا فِي رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي الْغَنَمِ ( {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25001فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ } عَلَى قِيمَتِهَا ) أَيْ قِيمَةِ شَاةٍ قَالُوا : لِأَنَّ انْدِفَاعَ الْحَاجَةِ كَمَا يَكُونُ بِالشَّاةِ يَكُونُ بِالْقِيمَةِ وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى بُطْلَانِ الْأَصْلِ ; لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَتْ الْقِيمَةُ لَمْ تَجِبْ الشَّاةُ فَعَادَ هَذَا الِاسْتِنْبَاطُ عَلَى النَّصِّ بِالْإِبْطَالِ ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ ، وَرُدَّ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُبْطِلُوا إخْرَاجَ الشَّاةِ بَلْ قَالُوا بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الشَّاةِ وَقِيمَةِ الشَّاةِ وَهُوَ اسْتِنْبَاطٌ يَعُودُ بِالتَّعْمِيمِ ، كَمَا فِي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=42753وَلْيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ } يَعُمُّ فِي الْخِرَقِ وَنَحْوِهَا ، وَفِي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31887لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ } يَعُمُّ فِي كُلِّ مَا يُشَوِّشُ الْفِكْرَ وَلَا يَعُودُ بِالْإِبْطَالِ .
وَأُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ : بِأَنَّ الشَّارِعَ لَعَلَّهُ رَاعَى أَنْ يَأْخُذَ
[ ص: 444 ] الْفَقِيرُ مِنْ جِنْسِ مَالِ الْغَنِيِّ فَيَتَشَارَكَانِ فِي الْجِنْسِ فَتَبْطُلُ الْقِيمَةُ فَعَادَ بِالْبُطْلَانِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَبَابُ الزَّكَاةِ فِيهِ ضَرْبٌ مِنْ التَّعَبُّدِ قَالَ
الْبِرْمَاوِيُّ : وَأَيْضًا فَإِذَا كَانَ التَّقْدِيرُ " قِيمَةَ شَاةٍ " يَكُونُ قَوْلُهُمْ بِإِجْزَاءِ الشَّاةِ لَيْسَ بِالنَّصِّ : بَلْ بِالْقِيَاسِ فَيَتْرُكُ الْمَنْصُوصَ ظَاهِرًا وَيَخْرُجُ ، ثُمَّ يَدْخُلُ بِالْقِيَاسِ ، فَهَذَا عَائِدٌ بِإِبْطَالِ النَّصِّ لَا مَحَالَةَ . انْتَهَى .
وَوَجْهُ كَوْنِهِ أَبْعَدَ مِمَّا قَبْلَهُ : لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا تَجِبُ الشَّاةُ كَمَا تَقَدَّمَ . وَكُلُّ فَرْعٍ اُسْتُنْبِطَ مِنْ أَصْلٍ يَبْطُلُ بِبُطْلَانِهِ ( وَ ) تَأْوِيلُهُمْ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ nindex.php?page=showalam&ids=14269وَالدَّارَقُطْنِيّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46762أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ } وَفِي رِوَايَةٍ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46763بَاطِلٌ بَاطِلٌ بَاطِلٌ } ( عَلَى الصَّغِيرَةِ وَالْأَمَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ ) وَوَجْهُ بُعْدِ هَذَا التَّأْوِيلِ : أَنَّ الصَّغِيرَةَ لَيْسَتْ بِامْرَأَةٍ فِي لِسَانِ
الْعَرَبِ وَقَدْ أُلْزِمُوا بِسُقُوطِ هَذَا التَّأْوِيلِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ فَإِنَّ الصَّغِيرَةَ لَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا كَانَ الْعَقْدُ عِنْدَهُمْ صَحِيحًا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ قَالَهُ
الْبِرْمَاوِيُّ . فَلَمَّا أُلْزِمُوا بِذَلِكَ فَرُّوا إلَى حَمْلِهِ عَلَى الْأَمَةِ فَأُلْزِمُوا بِبُطْلَانِهِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46764فَلَهَا الْمَهْرُ } وَمَهْرُ الْأَمَةِ إنَّمَا هُوَ لِسَيِّدِهَا فَفَرُّوا مِنْ ذَلِكَ إلَى حَمْلِهِ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ فَقِيلَ لَهُمْ : هُوَ أَيْضًا بَاطِلٌ ; لِأَنَّ حَمْلَ صِيغَةِ الْعُمُومِ الصَّرِيحَةِ وَهِيَ " أَيْ " الْمُؤَكَّدَةُ بِمَا مَعَهَا فِي قَوْلِهِ " أَيُّمَا " عَلَى صُورَةٍ نَادِرَةٍ لَا تَخْطُرُ بِبَالِ الْمُخَاطَبِينَ غَالِبًا فِي غَايَةِ الْبُعْدُ .
( وَ ) تَأْوِيلُهُمْ أَيْضًا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30897لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ } رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15395وَالنَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ عَلَى خِلَافٍ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ ( عَلَى ) صَوْمِ ( الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ الْمُطْلَقِ ) بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى مَذْهَبِهِمْ فِي صِحَّةِ الْفَرْضِ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابْنُ الْحَاجِبِ : فَجَعَلُوهُ كَاللُّغْزِ فِي حَمْلِهِمْ الْعَامَّ عَلَى صُورَةٍ نَادِرَةٍ فَإِنْ ثَبَتَ مَا ادَّعَوْهُ مِنْ الْحُكْمِ بِدَلِيلٍ - كَمَا قَالُوا - فَلْيُطْلَبْ لِهَذَا الْحَدِيثِ تَأْوِيلٌ قَرِيبٌ عَنْ هَذَا التَّأْوِيلِ مِثْلُ نَفْيِ الْكَمَالِ . قَالَ
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ التَّأْوِيلِ السَّابِقِ ( وَ ) تَأْوِيلُهُمْ أَيْضًا قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=13053وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا ( {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11877ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ } عَلَى التَّشْبِيهِ ) وَنَصَبُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11877ذَكَاةَ أُمِّهِ } عَلَى تَقْدِيرِ كَذَكَاةِ أُمِّهِ ، فَنُصِبَ عَلَى إسْقَاطِ الْخَافِضِ ، وَهُوَ
[ ص: 445 ] كَافُ التَّشْبِيهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13394ابْنُ عَمْرُون : تَقْدِيرُهُمْ حَذْفُ الْكَافِ لَيْسَ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ قَوْلِك : زَيْدٌ عَمْرًا ، أَيْ كَعَمْرٍو وَأَيْضًا فَحَذْفُ حَرْفِ الْخَفْضِ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَى التَّوَسُّعِ فِيهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ : فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ ، أَيْ وَقْتَ ذَكَاةِ أُمِّهِ ، فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مُقَامَهُ وَهَذَا دَلِيلُ الْجَمَاعَةِ ; لِأَنَّ الثَّانِيَ إنَّمَا يَكُونُ وَقْتًا لِلْأَوَّلِ إذَا أَغْنَى الْفِعْلُ الثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ ، وَيُرَجِّحُ هَذَا التَّقْدِيرَ مُوَافَقَتُهُ لِرِوَايَةِ الرَّفْعِ .
لَكِنَّ الْجُمْهُورَ وَهِمُوا رِوَايَةَ النَّصْبِ وَقَالُوا : الْمَحْفُوظُ الرَّفْعُ كَمَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14228الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ ، إمَّا لِأَنَّ " ذَكَاةَ " الْأَوَّلَ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ . وَ " ذَكَاةَ " الثَّانِيَ هُوَ الْمُبْتَدَأُ ، أَيْ ذَكَاةُ أُمِّ الْجَنِينِ ذَكَاةٌ لَهُ ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلْجَنِينِ مَزِيَّةٌ . وَحَقِيقَةُ الْجَنِينِ مَا كَانَ فِي الْبَطْنِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُذَكَّى كَذَكَاةِ أُمِّهِ ، بَلْ إنَّ ذَكَاةَ أُمِّهِ ذَكَاةٌ لَهُ كَافِيَةٌ عَنْ تَذْكِيَتِهِ . وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11877ذَكَاةُ الْجَنِينِ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ } ( وَ ) تَأْوِيلُهُمْ أَيْضًا قَوْلَهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - فِي آيَتَيْ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41وَلِذِي الْقُرْبَى } : عَلَى الْفُقَرَاءِ ) دُونَ الْأَغْنِيَاءِ ( مِنْهُمْ ) أَيْ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى قَالُوا : لِأَنَّ الْمَقْصُودَ دَفْعُ الْخَلَّةِ ، وَلَا خَلَّةَ مَعَ الْغِنَى فَعَطَّلُوا لَفْظَ الْعُمُومِ مَعَ ظُهُورِ أَنَّ الْقَرَابَةَ هِيَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهِمْ وَلَوْ مَعَ الْغِنَى ، لِتَعْظِيمِهَا وَتَشْرِيفِهَا مَعَ إضَافَتِهِ فَاللَّامُ التَّمْلِيكِ ، وَلَا يَلْزَمُنَا نَحْنُ الْمَالِكِيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ ذَلِكَ فِي الْيَتِيمِ ، لِلْخِلَافِ فِيهِ فَإِنْ عَلَّلُوا بِالْفَقْرِ وَلَمْ تَكُنْ قَرَابَةٌ عَطَّلُوا لَفْظَ " ذِي الْقُرْبَى " ، وَإِنْ اعْتَبِرُوهُمَا مَعًا فَلَا يَبْعُدُ وَغَايَتُهُ : تَخْصِيصُ عُمُومٍ ، كَمَا فَعَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي تَخْصِيصِ الْيَتَامَى بِذَوِي الْحَاجَةِ .
( وَ ) مِنْ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ تَأْوِيلُ ( الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ ) مَتْنَ حَدِيثٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ
nindex.php?page=showalam&ids=11998وَأَبُو دَاوُد nindex.php?page=showalam&ids=15395وَالنَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ : لَا نَعْرِفُهُ مُسْنَدًا إلَّا مِنْ حَدِيثِ
حَمَّادٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12959الْحَسَنِ وَرُوِيَ مِنْ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ ، وَمِنْ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=12959الْحَسَنِ - وَهُوَ ( {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37438مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ } عَلَى عَمُودَيْ نَسَبِهِ ) ، وَإِنَّمَا كَانَ بَعِيدًا : لِقِصَرِ اللَّفْظِ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ مَدْلُولَاتِهِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ قَالَ
ابْنُ مُفْلِحٍ وَغَيْرُهُ : لِعُمُومِ اللَّفْظِ وَظُهُورِ قَصْدِهِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى حُرْمَةِ الْمَحْرَمِ وَصِلَتِهِ قَالَ
الْكُورَانِيُّ : فَإِنْ قُلْت لِمَا وَجَّهَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ، إذَا لَمْ يَكُنْ هَذَا التَّأْوِيلُ صَحِيحًا عِنْدَكُمْ ؟ قُلْت : لَمَّا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الرِّقَّ لَا يَزُولُ إلَّا بِالْعِتْقِ قَاسَ عِتْقَ
[ ص: 446 ] الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ عَلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ ، إذْ لَا تَجِبُ عِنْدَهُ إلَّا لِلْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ أَوْ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْوَارِدِ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46765لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ عَبْدًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ } أَيْ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَقَدْ وَافَقَهُ الْخَصْمُ عَلَى هَذَا ، وَبِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فِي عِتْقِ الْوَلَدِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=26وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ } وَجْهُ الدَّلَالَةِ : أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَبْطَلَ إثْبَاتَ الْوَلَدِيَّةِ بِإِثْبَاتِ الْعُبُودِيَّةِ فَعُلِمَ أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ .