فإن العدم لا يتصف بالتكون والتغير، ولا الشيء الكائن بالفعل يتصف أيضا) وبسط الكلام في هذا. ولما كان نفس العدم ليس يمكن فيه أن ينقلب وجودا، ولا نفس الوجود أن ينقلب عدما، وجب أن يكون القابل لهما شيئا ثالثا غيرهما، وهو الذي يتصف بالإمكان والتكون والانتقال من صفة العدم إلى صفة الوجود،
وقال أيضا في دليلهم المشهور على قدم العالم، وهو قولهم: (يستحيل صدور حادث من قديم مطلق، لأنا إذا فرضنا القديم ولم [ ص: 195 ] يصدر منه العالم مثلا، فإنما لم يصدر لأنه لم يكن للوجود مرجح، بل كان وجود العالم ممكنا عنه إمكانا صرفا، فإذا حدث لم يخل: إما أن يتجدد مرجح أو لا يتجدد، فإن لم يتجدد مرجح بقي العالم على الإمكان الصرف كما كان قبل ذلك، فإن تجدد مرجح انتقل الكلام إلى ذلك المرجح: لم رجح الآن ولم يرجح قبل؟ فإما أن يمر إلى غير نهاية، أو ينتهي الأمر فيها إلى مرجح لم يزل مرجحا) .