الثالث: أن يقال: ما تعني بالتغير؟ أتعني به استحالته كاستحالة الجسم من صورة إلى صورة؟ أو تعني به كونه يفعل ما لم يكن فاعلا له؟
فإن عنيت الأول، منعت المقدمة الثانية. فإن المتحركات التي يخرج منها ما بالقوة إلى الفعل كالأفلاك، لا تستحيل صورتها بذلك.
وإن عنيت الثاني، قيل لك: هذا لا يسمى تغيرا، أو لا نسميه تغيرا. وإذا سميته تغيرا، لم يكن في مجرد تسميتك له ولا تسميتنا له -إذا وافقناك على التسمية- ما يمنع جوازه.
فإن مجرد الألفاظ لا تثبت بها المعاني العقلية، فلم قلت: إن هذا المعنى ممتنع؟
بل هذا هو نفس المتنازع فيه، لكن بدلت العبارة عنه. أفبأن [ ص: 292 ] بدلت العبارة عنه صادرت عليه وجعلته مقدمة في إثبات نفسه؟ ونحن لا نعني بالتغير إلا كونه يفعل ما لم يكن فاعلا.