وأما فإن وافق ما قاله الرسول كان من القول المقبول، وإلا كان من المردود، ولا يكون ما وافق قول الرسول مخالفا للعقل الصريح أبدا،، كما لا يكون ما خالف قوله مؤيدا ببرهان العقل أبدا، كما قد بين ذلك في غير هذا الموضع. الألفاظ التي تنازع فيها أهل الكلام، فلا تتلقى بتصديق ولا تكذيب حتى يعرف مراد المتكلم بها،
وكذلك فإن الناطقين به من أهل الكلام والفلسفة، قد يريدون بلفظ "الجهة" أمرا وجوديا: إما جسما، وإما عرضا في جسم. لفظ "الجهة" لفظ مجمل،
وقد يريدون بلفظ "الجهة" ما يكون معدوما، كما وراء الموجودات. [ ص: 59 ]
فقول القائل: "إن الحق في جهة"
إن أراد به ما هو موجود مباين له، فلا موجود مباين له إلا مخلوقاته، فإذا كان مباينا لمخلوقاته فكيف تكون محتوية عليه؟
وإن فلا ريب أن الله فوق العالم، وليس هناك إلا هو وحده، وليس فوق المخلوقات إلا خالقها، هو العلي الأعلى. أراد بالجهة ما فوق العالم،