ولما قالوا: "هو شيء لا كالأشياء" علم الأئمة مقصودهم، فإن الموجودين لا بد أن يتفقا في مسمى الوجود، والشيئين لا بد أن يتفقا في مسمى الشيء، فإذا لم يكن هناك قدر اتفقا فيه أصلا، لزم أن لا يكونا جميعا موجودين، وهذا مما يعرف بالعقل.
ولهذا قال "فقلنا: إن الشيء الذي كالأشياء قد عرف أهل العقل إنه لا شيء" فبين أن هذا مما يعرف بالعقل، وهذا مما يعلم بصريح المعقولات. الإمام أحمد:
ولهذا كان المشهور عنه، الذي نقله عنه عامة الناس، أنه لا يسمى الله شيئا، لأن ذلك - بزعمه - يقتضي التشبيه، جهم لأن اسم الشيء إذا قيل على الخالق والمخلوق لزم اشتراكهما في مسمى الشيء، وهذا تشبيه بزعمه. [ ص: 179 ] قول
وقوله باطل، فإنه سبحانه، وإن كان لا يماثله شيء من الأشياء في شيء من الأشياء، فمن المعلوم بالعقل أن كل شيئين فهما متفقان في مسمى الشيء، وكل موجودين فيها متفقان في مسمى الوجود، وكل ذاتين فهما متفقان في مسمى الذات، فإنك تقول: الشيء، والموجود، والذات: ينقسم إلى: قديم ومحدث، وواجب وممكن، وخالق ومخلوق، ومورد التقسيم بين الأقسام.
وقد بسطنا الكلام على هذه المسألة في غير هذا الموضع، وبينا غلط من جعل اللفظ مشتركا اشتراكا لفظيا.
وهذا الذي نبه عليه من أن مسمى الشيء والوجود ونحو ذلك، معنى عام كلي تشترك فيه الأشياء كلها والموجودات كلها - هو المعلوم بصريح العقل، الذي عليه عامة العقلاء. الإمام أحمد