وأما الملاعن فإن طلاقه وقع بعد البينونة أو بعد وجوب الإبانة، التي تحرم بها المرأة أعظم ما تحرم بالطلقة الثالثة، فكذا مؤكدا لموجب اللعان. والنزاع إنما هو في طلاق من يمكنه إمساكها، ولاسيما النبي - صلى الله عليه وسلم - قد فرق بينهما، فإن كان قبل الثلاث لم يقع بها ثلاث ولا غيرها، وإن كان بعدها فدل على بقاء النكاح.
واستدل الأكثرون بأن
nindex.php?page=treesubj&link=27326_11753القرآن يدل على أن الله لم يبح إلا الطلاق الرجعي وإلا الطلاق للعدة، كما في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف ،
[ ص: 355 ] وهذا إنما يكون في الرجعي. وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1فطلقوهن لعدتهن يدل على أنه لا يجوز إرداف الطلاق الطلاق حتى تنقضي العدة أو يراجعها، وإنما أباح الطلاق للعدة، أي: لاستقبال العدة، فمتى طلقها الثانية أو الثالثة قبل الرجعة بنت على العدة، فلم تستأنفها باتفاق المسلمين، وإن كان فيه خلاف شاذ عن
خلاس nindex.php?page=showalam&ids=13064وابن حزم قد بينا فساده في موضع آخر. فلم يكن ذلك طلاقا للعدة.
ولأنه قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف ، فخيره بين الرجعة وبين أن يدعها حتى تنقضي العدة، فيسرحها بإحسان، فإذا طلقها ثانية قبل انقضاء العدة لم يمسك بمعروف ولم يسرح بإحسان، وقد قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك ، فهذا يقتضي أن هذا حال كل مطلقة، فلم يشرع إلا هذا الطلاق. ثم قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229الطلاق مرتان أي: هذا الطلاق المذكور مرتان، وإذا قيل: سبح مرتين أو ثلاث مرات، لم يجز أن يقول: "سبحان الله مرتين"، بل لا بد أن ينطق بالتسبيح مرة بعد مرة، وكذلك لا يقال: طلق مرتين إلا إذا طلق مرة بعد مرة. فإذا قال: أنت طالقة ثلاثا أو طلقتين لم يجز أن يقال: طلق ثلاث مرات ولا مرتين، وإن جاز أن يقال طلق ثلاث تطليقات أو طلقتين، لكن يقال: طلق مرة واحدة.
وقال بعد ذلك:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=230فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ، فهذه الطلقة الثالثة، فلم يشرعها الله إلا بعد الطلاق الرجعي مرتين، وقد
[ ص: 356 ] قال الله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=232وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن وهذا إنما يكون فيما دون الثلاث، وهو يعم كل طلاق. فعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=11753جمع الثلاث ليس بمشروع.
وَأَمَّا الْمُلَاعِنُ فَإِنَّ طَلَاقَهُ وَقَعَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ أَوْ بَعْدَ وُجُوبِ الْإِبَانَةِ، الَّتِي تُحَرَّمُ بِهَا الْمَرْأَةُ أَعْظَمَ مَا تُحَرَّمُ بِالطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَذَا مُؤَكِّدًا لِمُوجَبِ اللِّعَانِ. وَالنِّزَاعُ إِنَّمَا هُوَ فِي طَلَاقِ مَنْ يُمْكِنُهُ إِمْسَاكُهَا، وَلَاسِيَّمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الثَّلَاثِ لَمْ يَقَعْ بِهَا ثَلَاثٌ وَلَا غَيْرُهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا فَدَلَّ عَلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ.
وَاسْتَدَلَّ الْأَكْثَرُونَ بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=27326_11753الْقُرْآنَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُبِحْ إِلَّا الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ وَإِلَّا الطَّلَاقَ لِلْعِدَّةِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ،
[ ص: 355 ] وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ فِي الرَّجْعِيِّ. وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِرْدَافُ الطَّلَاقِ الطَّلَاقَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ أَوْ يُرَاجِعُهَا، وَإِنَّمَا أَبَاحَ الطَّلَاقَ لِلْعِدَّةِ، أَيْ: لِاسْتِقْبَالِ الْعِدَّةِ، فَمَتَى طَلَّقَهَا الثَّانِيَةَ أَوِ الثَّالِثَةَ قَبْلَ الرَّجْعَةِ بَنَتْ عَلَى الْعِدَّةِ، فَلَمْ تَسْتَأْنِفْهَا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِلَافٌ شَاذٌّ عَنْ
خِلَاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=13064وَابْنِ حَزْمٍ قَدْ بَيَّنَا فَسَادَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلَاقًا لِلْعِدَّةِ.
وَلِأَنَّهُ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ، فَخَيَّرَهُ بَيْنَ الرَّجْعَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَدَعَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ، فَيُسَرِّحَهَا بِإِحْسَانٍ، فَإِذَا طَلَّقَهَا ثَانِيَةً قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَمْ يُمْسِكْ بِمَعْرُوفٍ وَلَمْ يُسَرِّحْ بِإِحْسَانٍ، وَقَدْ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ ، فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا حَالُ كُلِّ مُطَلَّقَةٍ، فَلَمْ يَشْرَعْ إِلَّا هَذَا الطَّلَاقَ. ثُمَّ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229الطَّلاقُ مَرَّتَانِ أَيْ: هَذَا الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ مَرَّتَانِ، وَإِذَا قِيلَ: سَبِّحْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقُولَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ"، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَنْطِقَ بِالتَّسْبِيحِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وَكَذَلِكَ لَا يُقَالُ: طَلَّقَ مَرَّتَيْنِ إِلَّا إِذَا طَلَّقَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقَةٌ ثَلَاثًا أَوْ طَلْقَتَيْنِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ: طَلَّقَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ جَازَ أَنْ يُقَالَ طَلَّقَ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ أَوْ طَلْقَتَيْنِ، لَكِنْ يُقَالُ: طَلَّقَ مَرَّةً وَاحِدَةً.
وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=230فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ، فَهَذِهِ الطَّلْقَةُ الثَّالِثَةُ، فَلَمْ يُشَرِّعْهَا اللَّهُ إِلَّا بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ مَرَّتَيْنِ، وَقَدْ
[ ص: 356 ] قَالَ اللَّهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=232وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ، وَهُوَ يَعُمُّ كُلَّ طَلَاقٍ. فَعُلِمَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=11753جَمْعَ الثَّلَاثِ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ.