فصل
في حق الله على عباده وقسمه من أم القرآن، وما يتعلق بذلك من محبته وفرحه ورضاه ونحو ذلك
[ ص: 44 ] فصل
في حق الله على عباده، وقسمه من أم القرآن، وما يتعلق بذلك من محبته وفرحه ورضاه، ونحو ذلك.
قال الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=57ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=58إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=57ما أريد منهم من رزق هو نكرة في سياق النفي، تعم كل رزق، فيعم اللفظ: من رزق لي، ومن رزقي لهم، ومن رزق من بعضهم لبعض، لكن قوله بعد ذلك:
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=57وما أريد أن يطعمون والإطعام هو رزق له، فقد يقال: هو تخصيص بعد تعميم، وقد يقال: الأول رزق المخلوق والثاني [يتعلق] بالخالق، فيكون المعنى:
nindex.php?page=treesubj&link=29711_29429_29428ما خلقتهم إلا ليعبدون، لا ليطعمون، ولا ليرزقوا أحدا، فإن الله هو الرزاق الذي يرزق الخلق، وهو ذو القوة المتين.
فبين الله بهذه الآية أنه خلقهم لعبادته التي أرادها منهم، فهي مراده ومطلوبه، لا يريد منهم أن يرزقوه، ولا أن يطعموه، لأنه لما نفى الإرادة عن الرزق وإطعامه، دل على إثباتها للعبادة، وفي إثباتها للعبادة ونفي إرادة الرزق والإطعام دليل على أن له حقا عليهم
[ ص: 46 ] يريده منهم، وهو محب له، راض به.
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=10إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ، وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ، وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=4إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا ، وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42إن الله يحب المقسطين ، وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=54يحبهم ويحبونه ، وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31فاتبعوني يحببكم الله ، وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=119رضي الله عنهم ورضوا عنه في مواضع .
وقد جاءت السنة بذكر حقه عليهم، في الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=655510كنت رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ! أتدري ما nindex.php?page=treesubj&link=30489حق الله على عباده؟ " قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ أن لا يعذبهم".
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في كتاب الدعاء مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=930410 "يقول [ ص: 47 ] الله: يا عبدي! إنما هي أربعة: واحدة لي، وواحدة لك، وواحدة بيني وبينك، وواحدة بينك وبين خلقي، فأما التي لي، فتعبدني لا تشرك بي شيئا، وأما التي هي لك، فعملك أجزيك به أحوج ما تكون إليه، وأما التي بيني وبينك، فمنك الدعاء وعلي الإجابة، وأما التي بينك وبين خلقي، فأت إلى الناس ما تحب أن يأتوه إليك ".
وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول الله تعالى:
nindex.php?page=hadith&LINKID=672622nindex.php?page=treesubj&link=24589 "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله رب العالمين ، يقول الله: حمدني عبدي، وإذا قال: nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=3الرحمن الرحيم ، يقول الله: أثنى علي عبدي، وإذا قال: nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=4مالك يوم الدين ، يقول الله: مجدني عبدي- وفي رواية: فوض إلي عبدي- وإذا قال: nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إياك نعبد وإياك نستعين قال: فهذه الآية بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، وإذا قال: nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال الله: فهؤلاء لعبدي، ولعبدي ما سأل".
ففي هذا الحديث أن النصف الأول- وهو الحمد والثناء والتمجيد والعبادة- لله تعالى، والنصف الثاني- وهو الاستعانة والمسألة- للعبد، هذا مع العلم بأن
nindex.php?page=treesubj&link=30495العبد يثاب على حمده وثنائه وعبادته، وقد يحصل له بذلك من الثواب أكثر مما يحصل بالاستعانة والسؤال، [و]
[ ص: 48 ] لا بد أن تكون للنصف الذي هو للرب خاصية تعود إلى الرب، تميزها عن نصف العبد، وإلا فإذا كان للعبد في كلاهما أجر وثواب، فتخصيص أحدهما بأنه للرب، لا بد فيه من خاصية للرب.
وأيضا فإن الله أخبر
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13إن الشرك لظلم عظيم ، وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=82الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم الآية ، وقد ورد في الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654403لما نزلت هذه الآية شق ذلك على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقالوا: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:" إنما هو الشرك، ألم تسمعوا إلى قول لقمان: nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13إن الشرك لظلم عظيم أو كما قال.
وفي الحديث عن طائفة من السلف، وروي مرفوعا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=705683 "الدواوين ثلاثة: ديوان لا يغفر الله منه شيئا، وهو الشرك، وديوان لا يعبأ الله به شيئا، وديوان لا يترك الله منه شيئا. فأما الديوان الذي لا يغفر الله منه شيئا، فهو الشرك، وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئا، فهو ظلم العبد نفسه، وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئا، فهو الظلم للعباد بعضهم بعضا".
وقد قال الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=254يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن [ ص: 49 ] يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون ، فجعل
nindex.php?page=treesubj&link=30490_30489_29468_30364الظلم في حق الله تعالى قسما خارجا عن ظلم العبد نفسه، وعن ظلم العباد، وهذا يقتضي أن لله فيه حقا قد ضيعه العبد، لا أنه مجرد ظلم العبد نفسه كالمعاصي، وإن كانت المعاصي مخالفة لأمر الله وتركا لما أوجبه، وجناية على دين الله.
فَصْلٌ
فِي حَقِّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَقَسْمِهِ مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ مَحَبَّتِهِ وَفَرَحِهِ وَرِضَاهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ
[ ص: 44 ] فَصْلٌ
فِي حَقِّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَقَسْمِهِ مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ مَحَبَّتِهِ وَفَرَحِهِ وَرِضَاهُ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=57مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=58إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=57مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ هُوَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، تَعُمُّ كُلَّ رِزْقٍ، فَيَعُمُّ اللَّفْظَ: مِنْ رِزْقٍ لِي، وَمِنْ رِزْقِي لَهُمْ، وَمِنْ رِزْقٍ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، لَكِنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=57وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ وَالْإِطْعَامُ هُوَ رِزْقٌ لَهُ، فَقَدْ يُقَالُ: هُوَ تَخْصِيصٌ بَعْدَ تَعْمِيمٍ، وَقَدْ يُقَالُ: الْأَوَّلُ رِزْقُ الْمَخْلُوقِ وَالثَّانِي [يَتَعَلَّقُ] بِالْخَالِقِ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى:
nindex.php?page=treesubj&link=29711_29429_29428مَا خَلَقْتُهُمْ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، لَا لِيُطْعِمُونِ، وَلَا لِيَرْزُقُوا أَحَدًا، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ الَّذِي يَرْزُقُ الْخَلْقَ، وَهُوَ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ.
فَبَيَّنَ اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ خَلَقَهُمْ لِعِبَادَتِهِ الَّتِي أَرَادَهَا مِنْهُمْ، فَهِيَ مُرَادُهُ وَمَطْلُوبُهُ، لَا يُرِيدُ مِنْهُمْ أَنْ يُرْزَقُوهُ، وَلَا أَنْ يُطْعِمُوهُ، لِأَنَّهُ لَمَّا نَفَى الْإِرَادَةَ عَنِ الرِّزْقِ وَإِطْعَامِهِ، دَلَّ عَلَى إِثْبَاتِهَا لِلْعِبَادَةِ، وَفِي إِثْبَاتِهَا لِلْعِبَادَةِ وَنَفْيِ إِرَادَةِ الرِّزْقِ وَالْإِطْعَامِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَهُ حَقًّا عَلَيْهِمْ
[ ص: 46 ] يُرِيدُهُ مِنْهُمْ، وَهُوَ مُحِبٌّ لَهُ، رَاضٍ بِهِ.
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=10إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ، وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ، وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=4إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا ، وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ، وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=54يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ، وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ، وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=119رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ فِي مَوَاضِعَ .
وَقَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ بِذِكْرِ حَقِّهِ عَلَيْهِمْ، فِي الصَّحِيحِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=655510كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: "يَا nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذُ! أَتَدْرِي مَا nindex.php?page=treesubj&link=30489حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ؟ " قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، أَتَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ".
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ فِي كِتَابِ الدُّعَاءِ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=930410 "يَقُولُ [ ص: 47 ] اللَّهُ: يَا عَبْدِي! إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةٌ: وَاحِدَةٌ لِي، وَوَاحِدَةٌ لَكَ، وَوَاحِدَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَوَاحِدَةٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَ خَلْقِي، فَأَمَّا الَّتِي لِي، فَتَعْبُدُنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا، وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَكَ، فَعَمَلُكَ أَجْزِيكَ بِهِ أَحْوَجُ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ، وَأَمَّا الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَمِنْكَ الدُّعَاءُ وَعَلَيَّ الْإِجَابَةُ، وَأَمَّا الَّتِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ خَلْقِي، فَأْتِ إِلَى النَّاسِ مَا تُحِبُّ أَنْ يَأْتُوهُ إِلَيْكَ ".
وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=hadith&LINKID=672622nindex.php?page=treesubj&link=24589 "قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، يَقُولُ اللَّهُ: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=3الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، يَقُولُ اللَّهُ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=4مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ، يَقُولُ اللَّهُ: مَجَّدَنِي عَبْدِي- وَفِي رِوَايَةٍ: فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي- وَإِذَا قَالَ: nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ قَالَ: فَهَذِهِ الْآيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، وَإِذَا قَالَ: nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ قَالَ اللَّهُ: فَهَؤُلَاءِ لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ".
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النِّصْفَ الْأَوَّلَ- وَهُوَ الْحَمْدُ وَالثَّنَاءُ وَالتَّمْجِيدُ وَالْعِبَادَةُ- لِلَّهِ تَعَالَى، وَالنِّصْفَ الثَّانِيَ- وَهُوَ الِاسْتِعَانَةُ وَالْمَسْأَلَةُ- لِلْعَبْدِ، هَذَا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30495الْعَبْدَ يُثَابُ عَلَى حَمْدِهِ وَثَنَائِهِ وَعِبَادَتِهِ، وَقَدْ يَحْصُلُ لَهُ بِذَلِكَ مِنَ الثَّوَابِ أَكْثَرُ مِمَّا يَحْصُلُ بِالِاسْتِعَانَةِ وَالسُّؤَالِ، [و]
[ ص: 48 ] لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لِلنِّصْفِ الَّذِي هُوَ لِلرَّبِّ خَاصِّيَّةٌ تَعُودُ إِلَى الرَّبِّ، تُمَيِّزُهَا عَنْ نِصْفِ الْعَبْدِ، وَإِلَّا فَإِذَا كَانَ لِلْعَبْدِ فِي كِلَاهُمَا أَجْرٌ وَثَوَابٌ، فَتَخْصِيصُ أَحَدِهِمَا بِأَنَّهُ لِلرَّبِّ، لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ خَاصِّيَّةٍ لِلرَّبِّ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ، وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=82الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ الْآيَةَ ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654403لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:" إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ، أَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ: nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ أَوْ كَمَا قَالَ.
وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ السَّلَفِ، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=705683 "الدَّوَاوِينُ ثَلَاثَةٌ: دِيوَانٌ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئًا، وَهُوَ الشِّرْكُ، وَدِيوَانٌ لَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِ شَيْئًا، وَدِيوَانٌ لَا يَتْرُكُ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئًا. فَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَغْفِرُ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئًا، فَهُوَ الشِّرْكُ، وَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِ شَيْئًا، فَهُوَ ظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ، وَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَتْرُكُ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئًا، فَهُوَ الظُّلْمُ لِلْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا".
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=254يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ [ ص: 49 ] يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ، فَجَعَلَ
nindex.php?page=treesubj&link=30490_30489_29468_30364الظُّلْمَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى قِسْمًا خَارِجًا عَنْ ظُلْمِ الْعَبْدِ نَفْسَهُ، وَعَنْ ظُلْمِ الْعِبَادِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا قَدْ ضَيَّعَهُ الْعَبْدُ، لَا أَنَّهُ مُجَرَّدُ ظُلْمِ الْعَبْدِ نَفْسَهُ كَالْمَعَاصِي، وَإِنْ كَانَتِ الْمَعَاصِي مُخَالِفَةً لِأَمْرِ اللَّهِ وَتَرْكًا لِمَا أَوْجَبَهُ، وَجِنَايَةً عَلَى دِينِ اللَّهِ.