وتكلم العلماء أيضا في ، وفيه تفصيل ونزاع لم يقله أحد من المسلمين . الإمام إذا كان من أهل الفجور والبدع
ثم إن أراد بذلك أن يوافقه على مسائل الاجتهاد الخارجة عن الصلاة ، فهذا غاية الجهل . وإن أراد موافقته على مسائل الصلاة لم ينضبط أمره ، وإن الطائفة الواحدة من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي [ ص: 436 ] متنازعون في واجبات الصلاة ومبطلاتها . فمن التزم هذا القول لزمه أن لا يصلي بعض أهل المذهب الواحد خلف بعض ، حتى لا يصلي وأحمد أبو يوسف ومحمد خلف ، ولا أبي حنيفة ابن القاسم ونحوهما خلف مالك ، ولا بعض أصحاب الشافعي وأحمد خلفهما . وابن وهب
وقد قال بعض المتأخرين : إنه لا بد أن ينوي المصلي أداء الواجب في تفاصيل الصلاة ، وإنه إذا فعل ما يوجبه المأموم دونه ولم ينو أنه واجب لم يصح الاقتداء به . وهذا قول محدث في الإسلام ، لا أصل له عن أحد من السلف . وما زال المسلمون يصلون ولا يميزون هذا التمييز ، لا اعتقادا ولا نية ، وكيف يمكن هذا والنزاع في واجباتها ومبطلاتها من أصعب مسائل الفقه ، فكيف يكلف كل مصل أن يحرم باعتقاد لا يعلم دليله ؟ ومن احتاط ، فإذا ما اشتبه عليه واجب هو أو مستحب ؟ وترك ما اشتبه أحرام هو أم لا ؟ فقد استبرأ لعرضه ودينه . فكيف يذم مثل هذا ؟
وأما إن كان هذا القائل أراد [بقوله] «مذهبي » مذهبا مبتدعا في الأصول ما يخالف الكتاب والسنة ، كمذهب الرافضة والمعتزلة والخوارج ونحوهم ، فهذا ضال من وجهين : من جهة اعتقاد الباطل ، ومن جهة امتناعه عن الائتمام بمن يعتقد الحق . وهكذا فعل أهل الأهواء بأئمة المسلمين ، كما فعلت الخوارج رضي الله عنه ، ابتدعوا بدعا ما أنزل الله به من سلطان ، وطعنوا مع هذا على من خالفهم من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ، حتى آل الأمر بهم [ ص: 437 ] إلى تكفير الجمهور وقتالهم ، فهؤلاء أهل التفرق والاختلاف والأهواء . قال الله تعالى : بعلي يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون إلى قوله : ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم يوم تبيض وجوه وتسود وجوه [آل عمران :102 - 106] ، قال ابن عباس : تبيض وجوه أهل السنة والجماعة ، وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة .
ومثل هؤلاء قد ذمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم غاية الذم ، بل أمر بقتالهم ، مع وصفه لهم بالعبادة ، حيث قال : » . «يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، وقراءته مع قراءتهم ، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، أينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فإن في قتلهم أجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة