ولما بعث الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - آمن به طائفة قليلة، فكان أبو بكر وعلي وزيد وخديجة، وآمن على يدي أول من آمن به أبي بكر عثمان وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن، ثم تزايد أهل الإيمان حتى بلغوا أربعين، فلم يكن بمكة قبل ذلك أربعون مؤمنا، بل ولا عشرة مؤمنون، بل ولا أربعة. ثم إن الإيمان زاد، وهاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، وكثر السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، الذين اتبعوهم بإحسان، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، وكل هؤلاء من سادات أولياء الله المتقين، قد رضي الله عنهم، وكلهم من أهل الجنة، قال الله فيهم: فبايعه تحت الشجرة أكثر من ألف وأربع مائة لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى .
وفي الصحيح أنه قال لما ساب [ ص: 64 ] لخالد بن الوليد عبد الرحمن بن عوف: خالد، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ". "يا هو ممن أنفق من بعد الفتح وقاتل، فإنه أسلم بعد وخالد الحديبية، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - هؤلاء التابعين من الصحابة بالنسبة إلى السابقين منهم بهذه المنزلة.