وكذلك تنازع العلماء في كالحيوان والآدميين والعقار والثياب والأبنية، وأكثر المعدودات والمذروعات، فمنهم من قال: لا يجب في ذلك إلا القيمة بنقد البلد، فيعطى المظلوم الذي فوت عليه حقه من الدراهم ما يقاوم به ذلك في السوق . وقالوا: لأن المثل في الجنس متعذر. المتلف من المال، إذا لم يوجد مثله من كل وجه،
ثم من هؤلاء من طرد قياسه، فقال: وكذلك إذا تلف صيده في الحرم والإحرام، إنما تجب قيمته كما لو كان مملوكا، وقالوا: لا يجوز قرض ذلك، لأن موجب القراض رد المثل، وهذا لا مثل [ ص: 262 ] له، فلا يجوز قرضه، وهذا قول أبي حنيفة.
ومنهم من خرج عن موجب هذا القياس في الصيد، لدلالة الكتاب والسنة وآثار الصحابة على أن وهو مثل مقيد بحسب الإمكان، ليس مثلا من كل وجه، وهو في النعامة بدنة، وفي بقرة الوحش بقرة، وفي الظبي شاة. الصيد يضمن بمثله من النعم،
وهذا قول الجمهور مالك والشافعي وهؤلاء يجوزون قرض الحيوان أيضا، لأن السنة دلت عليه، فإنه قد ثبت في الصحيح وأحمد. أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استسلف بكرا، وقضى جملا خيارا رباعيا، وقال: "إن خياركم أحسنكم قضاء".
ثم من هؤلاء من قال: إن [كان] القرض حيوانا رد قيمته، طردا للقياس أصله في الإتلاف، فإنه قال: كما يضمن في [ ص: 263 ] الغصب والإتلاف بالقيمة، فكذلك في القرض، إذ لا مثل له. وهذا قول في مذهب وغيره، وقال الأكثرون: بل يجب المثل من الحيوان بحسب الإمكان، كما دلت عليه السنة، وهذا هو المنصوص عن الأئمة. أحمد