وكذلك لا يشرع بإجماع المسلمين أن بل هذا ينهى عنه باتفاق المسلمين، وهو محرم نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، ولعن من يفعل ذلك. يبني مسجدا على قبر من القبور،
والمساجد المبنية على القبور يشرع باتفاق المسلمين إزالتها ويجب ذلك، فإن كان المسجد قبل القبر فإنه ينبغي أن يساوى القبر ويزال أثره، أو يعاد المسجد إلى ما كان. وإن كان المسجد بني على القبر فيهدم المسجد ويزال، كما هدم مسجد الضرار الذي قال الله تعالى فيه: والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم .
ولهذا كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمرون بهدم مثل ذلك، كما روى عن حرب الكرماني أن ابنا له مات، فاشترى غلام له جصا وآجرا ليبني على القبر، فقال له زيد بن ثابت زيد: حفرت وكفرت، أتريد أن [ ص: 42 ] تبني على قبر ابني مسجدا؟ ونهاه عن ذلك.
ولهذا لما فتح المسلمون تستر- التي يسمونها العجم "ششتر"- وجدوا عندها قبرا عظيما قالوا: إنه قبر دانيال، ووجدوا عنده مصحفا. قال أنا قرأت ذلك المصحف، فإذا فيه أخباركم وسيركم ولحون كلامكم، وشموا من القبر رائحة طيبة، ووجدوا الميت بحاله لم يبل، فكتب في ذلك أبو العالية: إلى أبو موسى الأشعري فأمره أن يحفر بالنهار بضعة عشر قبرا، فإذا كان الليل دفنه في قبر من تلك القبور ليخفى أثره، لئلا يفتتن به الناس، فينزلون به ويصلون عنده ويتخذونه مسجدا . عمر بن الخطاب،