وأما وأكابر أولياء الله يقتدون بنبيهم - صلى الله عليه وسلم -، فلا يستعملون الخوارق إلا لحاجة المسلمين، أو لحجة في الدين، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما تجري الخوارق على يديه لحجة للدين أو لحاجة المسلمين، كتكثير الطعام والشراب عند الحاجة. كرامات أولياء الله تعالى فيها الإيمان والتقوى، سببها ما أمر الله به من الأعمال الواجبات والمستحبات،
والأحوال التي تحصل عند سماع المكاء والتصدية والشرك كلها شيطانية، ولهذا تبطل أحوالهم إذا قرئت عليهم آية الكرسي، فإنها تطرد الشيطان، وإذا أرادوا دعوا شيوخهم وتوجهوا إلى ناحيتهم جاءتهم الشياطين، وقد تتكلم على ألسنتهم حال الوجد الشيطاني بكلام لا يفهمه صاحبه إذا أفاق، كما يتكلم الجني على لسان المصروع، وقد يطير أحدهم في الهواء. فهذا ونحوه من الأحوال الشيطانية.
وأما كرامات أولياء الله كمثل ما جرى لما غزا للعلاء بن الحضرمي البحرين، فمشى هو والعسكر الذي معه بخيولهم على البحر، فما [ ص: 101 ] ابتلت لبود سروجهم. وكذلك ومن معه، ومثل صلاة أبو مسلم الخولاني أبي مسلم ركعتين لما ألقاه الأسود العنسي في النار، فصارت عليه بردا وسلاما.
وقد بسطنا هذا في "بيان الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان" ، وهذا قدر ما احتملته الورقة. والله أعلم.
[ ص: 102 ]