مسألة
في رجل قال: إن نبيا من الأنبياء أكله القمل، فاشتكى إلى الله، فأوحى الله إليه: لئن اختلج هذا في سرك مرة أخرى لأمحونك من ديوان الأنبياء.
الجواب
الحمد لله. لا يجوز لأحد أن يقول مثل هذا القول من غير بيان حاله، فإن هذا ليس من المنقول الثابت، بل من النقول الباطلة، ولو كان من النقول الصحيحة لم يجز لأحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن يتبع مثل هذه الحكاية ويبني عليها طريقه إلى الله تعالى. وذلك أن إن ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو نقلت بالتواتر ونحو ذلك علم صحتها، وإذا صحت فما وافق الشريعة اتبع، وما خالف منها شريعة محمد صلى الله عليه وسلم لم يتبع; فإن الله تعالى يقول: الحكايات الإسرائيليات لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا .
وفي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: النسائي موسى [ ص: 71 ] حيا ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم". وفي رواية : "لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي". وقد قال الله تعالى: "لو كان وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين . قال ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه العهد والميثاق لئن بعث ابن عباس: محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه.
وهذا كما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام أن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم إلى جميع أهل الأرض، عربهم وعجمهم، أميهم وكتابيهم، إنسهم وجنهم. فلا يقبل الله من أحد عملا يخالف شريعته، وإن كان ذلك العمل مشروعا لبعض الأنبياء. لموسى وعيسى ونسخ على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر باتفاق المسلمين، وإذا كان هذا فيما علم أنه مشروع للأنبياء، فكيف بما يحكى عنهم ولا يعلم صحته؟ فلا يجوز لأحد أن يثبت بالإسرائيليات لا صحيحها ولا ضعيفها حكما يخالف شريعة فمن اتبع الشرعة والمنهاج الذي كان مشروعا محمد صلى الله عليه وسلم. والمنقولات من [ ص: 72 ] الإسرائيليات تارة يعلم صحتها، وتارة يعلم أنها كذب، وتارة لا يدرى. وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه، وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه".