ثم قال : إنك ستجد قوما حبسوا أنفسهم لله ، فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له . وستجد قوما فحصوا عن أوساط [ ص: 144 ] رؤوسهم ، فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف . وإني موصيك بعشر : لا تقتلن امرأة ، ولا صبيا ، ولا كبيرا هرما ، ولا تقطعن شجرا مثمرا ، ولا تخربن عامرا ، ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة ، ولا تحرقن نخلا ولا تفرقنه ، ولا تجبن ولا تغلل . وذكر وصية أخرى .
ويزيد هذا الذي أمره وكان من الصحابة هو عند المسلمين من خيار المسلمين الصديق ، وهو رجل صالح ، وهو عند المسلمين خير من أبيه ومن أخيه أبي سفيان . معاوية
فلما فتح المسلمون بلاد الشام في خلافة أبي بكر وتوفي وعمر واستخلف أبو بكر ، كان عمر أبو عبيدة بن الجراح ، ويزيد بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة نوابا على لعمر بن الخطاب الشام .
وكان الشام أربعة أرباع :
الربع الواحد : ربع فلسطين ، وهو بيت المقدس إلى نهر الأردن الذي يقال له الشريعة .
والربع الثاني : ربع الأردن وهو من الشريعة إلى نواحي عجلون إلى أعمال دمشق .
والربع الثالث : دمشق .
والربع الرابع : حمص .
وكانت سيس وأرض الشمال من أعمال حمص . [ ص: 145 ]
ثم إنه في زمن أو معاوية جعل يزيد الشام خمسة أجناد ، وجعلت قنسرين والعواصم أحد الأخماس .
وكان المسلمون قد فتحوا الشام جميعها إلى سيس وغيرها ، وفتحوا قبرص . كان قد فتحها في خلافة معاوية . عثمان بن عفان
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أخبر بغزوات البحر ، وأخبر أنها تكون فيهم ، فكان كما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - . أم حرام بنت ملحان
فلما كان في أثناء خلافة مات في خلافته عمر بن الخطاب ، ومات أيضا أبو عبيدة بن الجراح . يزيد بن أبي سفيان
ولما كان المسلمون يقاتلون الكفار ، أحد الأمراء ، كان أبوه ويزيد بن أبي سفيان وأخوه أبو سفيان يقاتلان معه تحت رايته ، وأصيب يومئذ معاوية ، أصيبت عينه في القتال . أبو سفيان
فلما مات في خلافة يزيد بن أبي سفيان ، ولى عمر مكانه على أحد أرباع عمر الشام أخاه . معاوية بن أبي سفيان
وبقي أميرا على ذلك ، وكان حليما كريما ، إلى أن قتل معاوية . ثم أقره عمر على إمارته ، وضم إليه سائر عثمان الشام ، فصار نائبا على الشام كله .
وفي خلافة ولد عثمان ولد سماه لمعاوية باسم أخيه يزيد . [ ص: 146 ] يزيد
وهذا الذي ولد في خلافة يزيد هو الذي تولى الملك بعد أبيه عثمان معاوية ، وهو الذي قتل في خلافته ، وهو الذي جرى بينه وبين أهل الحسين الحرة ما جرى . وليس هو من الصحابة ، ولا من الخلفاء الراشدين المهديين ، بل هو خليفة من الخلفاء الذين تولوا بعد الخلفاء الراشدين ، كأمثاله من خلفاء بني أمية وبني العباس .
وهؤلاء الخلفاء لم يكن فيهم من هو كافر ، بل كلهم كانوا مسلمين ، ولكن لهم حسنات وسيئات ، كما لأكثر المسلمين ، وفيهم من هو خير وأحسن سيرة من غيره ، كما كان الذي ولى سليمان بن عبد الملك الخلافة من عمر بن عبد العزيز بني أمية ، والمهدي والمهتدي ، وغيرهما من خلفاء بني العباس ، وفيهم من كان أعظم تأييدا وسلطانا ، وأقهر لأعدائه من غيره ، كما كان عبد الملك والمنصور .