فصل
وقد وإن ميز بينهما عند الجمع، كما في لفظ الفقير والمسكين، كما قال تعالى: وضعت الصلاة على السجود بعد القراءة، فإن الركوع والسجود- كما قدمنا- كلاهما يدخل في اسم الآخر [عند] الانفراد، وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة ، قيل: المراد به الركوع، لأن الساجد على الأرض لا يمكنه الدخول لذلك، ومنه قول [ ص: 296 ] العرب: سجدت النخلة، إذا مالت، فهذا إدخال الركوع في مسمى السجود، فإنه مبدؤه وأوله. وأما الآخر فكقوله في قصة داود: وخر راكعا وأناب ، وإنما هو سجود بالأرض، كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح أنه قال: داود توبة، ونحن نسجدها شكرا"، فإن "سجدها الركوع يحصل بالانحناء، والزيادة على ذلك إلى حد الأرض زيادة فيه.
ويعبر عن الصلاة تارة بلفظ الركوع، كما في قوله: واركعوا مع الراكعين ، وقوله: اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين .
ولهذا إذا كانت السجدة في آخر السورة أجزأ ما في الصلاة من السجود والركوع عن سجود التلاوة، كما يروى ذلك عن وهذا هو المنصوص عن ابن مسعود، وهو قول من قال من أحمد، فقهاء العراق وغيرهم، لكن هل فيه نزاع ليس هذا موضعه. المجزئ عن سجود التلاوة هو الركوع أو سجود الصلب أو كلاهما؟
ومما يبين أصل الكلام أن ما في القرآن من الأمر بالسجود- كقوله: اركعوا واسجدوا - هو أمر بركوع الصلاة وسجودها، والله سبحانه وتعالى كما يقرن بعض أركان الصلاة ببعض- كما قرن بين [ ص: 297 ] القراءة والسجود، وبين الركوع والسجود- فإنه يقرن بين الصلاة وبين غيرها من الشرائع، كما قرن بينها وبين الزكاة، وبينها وبين الصبر الداخل في الجهاد والصوم وغيرهما، وأكثر الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة والجهاد، وقد قرن بينهما في قوله: اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون وجاهدوا في الله حق جهاده هو الآية ، وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله الآية ، وقال تعالى: على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا ، وقال في القرآن: وجاهدهم به جهادا كبيرا .