58 - ( فصل )
: المال ، وما يقصده به كالبيع والشراء ، وتوابعهما : من اشتراط صفة في المبيع ، أو نقد غير نقد البلد ، والإجارة ، والجعالة ، والمساقاة ، والمزارعة ، والمضاربة ، والشركة ، والهبة . والمواضع التي يحكم فيها بالشاهدين واليمين
قال في " المحرر " : والوصية لمعين ، أو الوقف عليه . وهذا يدل على أن الوصية والوقف إذا كانتا لجهة عامة ، كالفقراء والمساكين لا يكتفى فيهما بشاهد ويمين ، لإمكان اليمين من المدعى عليه إذا كان . وأما الجهة المطلقة : فلا يمكن اليمين فيها ، وإن حلف واحد منهم لم يسر حكمه ويمينه إلى غيره ، وكذلك لو لم يستحقوا ذلك ، حتى يحلفوا جميعهم ، وإن حلف بعضهم استحق حقه ، ولا يشاركه فيه غيره من الورثة ، ومن لم يحلف لم يستحق شيئا ، فلو أمكن حلف الجميع في الوصية والوقف - بأن يوصي أو يقف على فقراء محلة معينة يمكن حصرهم - ثبت الوقف والوصية بشاهد وأيمانهم ، ولو انتقل الوقف من بعدهم : لم يمنع ذلك ثبوته بشهادة المعينين أولا ، كما لو وقف على زيد وحده ثم على الفقراء والمساكين بعده : ثبت الوقف بشهادته ، ثم انتقل إلى من بعده بحكم الثبوت الأول ضمنا وتبعا ، وقد ثبت في الأحكام [ ص: 121 ] التبعية ، ويغتفر فيها ما لا يغتفر في الأصل المقصود ، وشواهده معروفة . ادعى جماعة : أنهم ورثوا دينا على رجل ، وشهد بذلك شاهد واحد : الغصوب ، والعواري ، الوديعة ، والصلح والإقرار بالمال ، أو ما يوجب المال ، والحوالة ، والإبراء ، والمطالبة بالشفعة ، وإسقاطها ، والقرض ، والصداق ، وعوض الخلع ، ودعوى رق مجهول النسب ، وتسمية المهر . ومما يثبت بالشاهد واليمين
59 - ( فصل )
وفي الجنايات الموجبة للمال كالخطأ ، وما لا قصاص فيه من جنايات العمد كالهاشمة ، والمأمومة ، والجائفة ، وقتل المسلم الكافر ، والحر العبد والصبي ، والمجنون ، والعتق ، والوكالة في المال ، والإيصاء إليه ، ودعوى قتل الكافر لاستحقاق سلبه ، ودعوى الأسير إسلاما سابقا يمنع رقه ، روايتان : إحداهما : أنه يثبت بشاهد ويمين ، ورجل وامرأتين .
والثانية : لا يثبت إلا برجلين . ولا يشترط كون الحالف مسلما ، بل تقبل يمينه مع كفره ، كما لو كان المدعى عليه .
قال أبو الحارث : سئل عن الفاسق ، أو العبد إذا أقام شاهدا واحدا ؟ قال : أحلفه وأعطيه دعواه ، قلت : فإن كان الشاهد عدلا والمدعى عليه غير عدل ؟ قال : وإن كان المدعي غير عدل ، أو كانت امرأة ، أو يهوديا ، أو نصرانيا أو مجوسيا ، إذا ثبت له شاهد واحد : حلف ، وأعطي ما ادعى . وهل يشترط أن يحلف المدعي على صدق شاهده ، فيقول مع يمينه : وإن شاهدي صادق ؟ الصحيح المشهور : أنه لا يشترط ، لعدم الدليل الموجب لاشتراطه ، ولأن يمينه على الاستحقاق كافية عن يمينه على صدق شاهده ، وشرطه بعض أصحاب أحمد أحمد : لأن البينة بينة ضعيفة ، ولهذا قويت بيمين المدعي ، فيجب أن تقوى بحلفه على صدق الشاهد ، وهذا القول يقوى في موضع ويضعف في موضع ، فيقوى إذا ارتاب الحاكم ، أو لم يكن الشاهد مبرزا ، ويضعف : إذا لم يكن الأمر كذلك . والشافعي
60 - ( فصل )
وقد حكى أبو محمد ابن حزم القول بتحليف الشهود عن ابن وضاح ، وقاضي الجماعة [ ص: 122 ] بقرطبة - وهو - أنه حلف شهودا في تركة بالله أن ما شهدوا به لحق . محمد بن بشر
قال : وروي عن ابن وضاح أنه قال : أرى لفساد الناس أن يحلف الحاكم الشهود . وهذا ليس ببعيد ، وقد شرع الله سبحانه وتعالى تحليف الشاهدين إذا كانا من غير أهل الملة على الوصية في السفر ، وكذلك قال بتحليف المرأة إذا شهدت في الرضاع ، وهو أحد الروايتين عن ابن عباس . أحمد
قال : لا يحلف الشاهد على أصلنا إلا في موضعين ، وذكر هذين الموضعين . القاضي
قال شيخنا قدس الله روحه : هذان الموضعان قبل فيهما الكافر والمرأة وحدها للضرورة ، فقياسه : أن كل من قبلت شهادته للضرورة استحلف . قلت : وإذا كان للحاكم أن يفرق الشهود إذا ارتاب فيهم ، فأولى أن يحلفهم إذا ارتاب بهم .