وبيان ما قلنا من أن الناس اختلفوا في ذلك كثيرا مآله إلى ثلاثة أقوال : قطع الأيدي والأرجل
الأول : أنه تقطع يمين السارق خاصة ، ولا يعود عليه القطع ; قاله . عطاء
الثاني : أنه تقطع اليسرى ولا يعود عليه القطع في رجل رجل ; قاله . أبو حنيفة
الثالث : تقطع يده اليمنى ، فإن عاد قطعت رجله اليسرى ، فإن عاد قطعت يده اليسرى ، فإن عاد قطعت رجله اليمنى ; قاله مالك . والشافعي
وأما قول فليس على غلطه غطاء ; فإن الصحابة قبله قالوا خلافه . وقد قال الله تعالى : { عطاء فاقطعوا أيديهما } ، فجاء بالجمع ، فإن تعلق بأقوال النحاة قلنا : ذلك يكون تأويلا مع الضرورة إذا جاء دليل يدل على خلاف الظاهر ، فيرجع إليه ، فبطل ما قاله .
وأما قول فإنه يرده حديث أبي حنيفة الحارث بن حاطب ، { أبي بكر فقطعت يده حتى قطعت قوائمه كلها } . رواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بلص فقال : اقتلوه . قالوا : يا رسول الله ; إنما سرق . قال : اقطعوا يده . قالوا : ثم سرق فقطعت رجله ، ثم سرق على عهد النسائي وأبو داود { والدارقطني } . أما أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بسارق فقطع يده ، ثم أتي به الثانية فقطع رجله ، ثم أتي به ثالثة فقطع يده ، ثم أتي به رابعة فقطع رجله النسائي وأبو داود فروياه عن الحارث بن حاطب . وأما فرواه عن الدارقطني عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلا ، ورواه عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قولا . أبي هريرة
وقال الحارث : إن تمم قطعه ، واتفقوا على قتله في الخامسة ; وهذا يسقط قول أبا بكر . وكذا روي في حديث أبي حنيفة في قطع اليمين أنه قطع رجله اليمنى [ ص: 119 ] روي أيضا أنه أمر بذلك فقال له أبي بكر الصديق : لا ; بل تقطع يده ، كما قال تعالى . قال له : دونك . والرواية الأولى أصح وأثبت رجالا . وروي عن عمر أيضا أنه قال : إذا سرق فاقطعوا يده ، فإن عاد فاقطعوا رجله ، واتركوا له يدا يأكل بها الطعام ، ويستنجي بها من الغائط ، ويحقق ذلك أن في الموطإ عن عمر عن مالك عن أبيه أن رجلا من أهل عبد الرحمن بن القاسم اليمن كان أقطع اليد والرجل فإنما قطعت يده اليسرى لعدم اليمنى .