الخامسة : واختلف العلماء في وجوب ; فقال قراءة الفاتحة في الصلاة مالك وأصحابه : هي متعينة للإمام والمنفرد في كل ركعة . قال ابن خويز منداد البصري المالكي : لم يختلف [ ص: 115 ] قول مالك أنه من أن صلاته تبطل ولا تجزيه . واختلف قوله فيمن تركها ناسيا في ركعة من صلاة رباعية أو ثلاثية ; فقال مرة : يعيد الصلاة ، وقال مرة أخرى : يسجد سجدتي السهو ; وهي رواية نسيها في صلاة ركعة من صلاة ركعتين ابن عبد الحكم وغيره عن مالك . قال ابن خويز منداد وقد قيل : إنه يعيد تلك الركعة ويسجد للسهو بعد السلام . قال : الصحيح من القول إلغاء تلك الركعة ويأتي بركعة بدلا منها ، كمن أسقط سجدة سهوا . وهو اختيار ابن عبد البر ابن القاسم . وقال وأكثر الحسن البصري أهل البصرة : إذا قرأ بأم القرآن مرة واحدة في الصلاة أجزأه ولم تكن عليه إعادة ; لأنها صلاة قد قرأ فيها بأم القرآن ; وهي تامة لقوله عليه السلام : والمغيرة بن عبد الرحمن المخزومي المدني وهذا قد قرأ بها . لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن
قلت : ويحتمل لا صلاة لمن لم يقرأ بها في كل ركعة ، وهو الصحيح على ما يأتي . ويحتمل لا صلاة لمن لم يقرأ بها في أكثر عدد الركعات ، وهذا هو سبب الخلاف والله أعلم .
وقال أبو حنيفة والثوري : إن تركها عامدا في صلاته كلها وقرأ غيرها أجزأه ; على اختلاف عن والأوزاعي الأوزاعي في ذلك . وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن : أقله ثلاث آيات أو آية طويلة كآية الدين . وعن محمد بن الحسن أيضا قال : أسوغ الاجتهاد في مقدار آية ومقدار كلمة مفهومة ; نحو : الحمد لله ولا أسوغه في حرف لا يكون كلاما . وقال الطبري : يقرأ المصلي بأم القرآن في كل ركعة ، فإن لم يقرأ بها لم يجزه إلا مثلها من القرآن عدد آيها وحروفها . قال : وهذا لا معنى له ; لأن التعيين لها والنص عليها قد خصها بهذا الحكم دون غيرها ; ومحال أن يجيء بالبدل منها من وجبت عليه فتركها وهو قادر عليها ، وإنما عليه أن يجيء بها ويعود إليها ، كسائر المفروضات المتعينات في العبادات . ابن عبد البر