الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
التاسعة : واختلف العلماء فيمن دخل المسجد ولم يكن ركع ركعتي الفجر ثم أقيمت الصلاة ; فقال مالك : يدخل مع الإمام ولا يركعهما ; وإن كان لم يدخل المسجد فإن لم يخف فوات ركعة فليركع خارج المسجد ، ولا يركعهما في شيء من أفنية المسجد - التي تصلى فيها [ ص: 163 ] الجمعة - اللاصقة بالمسجد ; وإن خاف أن تفوته الركعة الأولى فليدخل وليصل معه ; ثم يصليهما إذا طلعت الشمس إن أحب ; ولأن يصليهما إذا طلعت الشمس أحب إلي وأفضل من تركهما

وقال أبو حنيفة وأصحابه : إن خشي أن تفوته الركعتان ولا يدرك الإمام قبل رفعه من الركوع في الثانية دخل معه ، وإن رجا أن يدرك ركعة صلى ركعتي الفجر خارج المسجد ، ثم يدخل مع الإمام وكذلك قال الأوزاعي ; إلا أنه يجوز ركوعهما في المسجد ما لم يخف فوت الركعة الأخيرة .

وقال الثوري : إن خشي فوت ركعة دخل معهم ولم يصلهما وإلا صلاهما وإن كان قد دخل المسجد .

وقال الحسن بن حي ويقال ابن حيان : إذا أخذ المقيم في الإقامة فلا تطوع إلا ركعتي الفجر .

وقال الشافعي : من دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة دخل مع الإمام ولم يركعهما لا خارج المسجد ولا في المسجد . وكذلك قالالطبري وبه قال أحمد بن حنبل وحكي عن مالك ; وهو الصحيح في ذلك ; لقوله عليه السلام . إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة . وركعتا الفجر إما سنة ، وإما فضيلة ، وإما رغيبة ; والحجة عند التنازع حجة السنة .

ومن حجة قول مالك المشهور وأبي حنيفة ما روي عن ابن عمر أنه جاء والإمام يصلي صلاة الصبح فصلاهما في حجرة حفصة ، ثم إنه صلى مع الإمام .

ومن حجة الثوري والأوزاعي ما روي عن عبد الله بن مسعود أنه دخل المسجد ، وقد أقيمت الصلاة فصلى إلى أسطوانة في المسجد ركعتي الفجر ، ثم دخل الصلاة بمحضر من حذيفة وأبي موسى رضي الله عنهما . قالوا : ( وإذا جاز أن يشتغل بالنافلة عن المكتوبة خارج المسجد جاز له ذلك . [ ص: 164 ] في المسجد ) ، روى مسلم عن عبد الله بن مالك ابن بحينة قال : أقيمت صلاة الصبح فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي والمؤذن يقيم ، فقال : ( أتصلي الصبح أربعا ) ! وهذا إنكار منه صلى الله عليه وسلم على الرجل لصلاته ركعتي الفجر في المسجد والإمام يصلي ، ويمكن أن يستدل به أيضا على أن ركعتي الفجر إن وقعت في تلك الحال صحت ; لأنه عليه السلام لم يقطع عليه صلاته مع تمكنه من ذلك ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية