[ ص: 178 ] ( وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير ( 6 ) إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور ( 7 ) تكاد تميز من الغيظ كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير ( 8 ) قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير ( 9 ) وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ( 10 ) فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير ( 11 ) )
يقول تعالى : ( و ) أعتدنا ( للذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير ) أي : بئس المآل والمنقلب . ( إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا ) قال ابن جرير : يعني الصياح .
( وهي تفور ) قال الثوري : تغلي بهم كما يغلي الحب القليل في الماء الكثير .
وقوله : ( تكاد تميز من الغيظ ) أي : يكاد ينفصل بعضها من بعض ، من شدة غيظها عليهم وحنقها بهم ، ( كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير ) يذكر تعالى عدله في خلقه ، وأنه ، كما قال : ( لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه وإرسال الرسول إليه وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) [ الإسراء : 15 ] وقال تعالى : ( حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين ) [ الزمر : 71 ] . وهكذا عادوا على أنفسهم بالملامة ، وندموا حيث لا تنفعهم الندامة ، فقالوا : ( لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ) أي : لو كانت لنا عقول ننتفع بها أو نسمع ما أنزله الله من الحق ، لما كنا على ما كنا عليه من الكفر بالله والاغترار به ، ولكن لم يكن لنا فهم نعي به ما جاءت به الرسل ، ولا كان لنا عقل يرشدنا إلى اتباعهم ، قال الله تعالى : ( فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير )
قال : حدثنا الإمام أحمد محمد بن جعفر ، حدثنا ، شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن قال : أخبرني من سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " أبي البختري الطائي " وفي حديث آخر : " لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم لا يدخل أحد النار ، إلا وهو يعلم أن النار أولى به من الجنة " .