[ ص: 408 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=89nindex.php?page=treesubj&link=28983_31895_28901قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون ( 89 )
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90قالوا أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ( 90 )
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=91قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين ( 91 )
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ( 92 ) )
يقول تعالى مخبرا عن
يوسف ، عليه السلام : أنه لما ذكر له إخوته ما أصابهم من الجهد والضيق وقلة الطعام وعموم الجدب ، وتذكر أباه وما هو فيه من الحزن لفقد ولديه ، مع ما هو فيه من الملك والتصرف والسعة ، فعند ذلك أخذته رقة ورأفة ورحمة وشفقة على أبيه وإخوته ، وبدره البكاء ، فتعرف إليهم ، يقال إنه رفع التاج عن جبهته ، وكان فيها شامة ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=89هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون ) ؟ يعني : كيف فرقوا بينه وبينه ) إذ أنتم جاهلون ) أي : إنما حملكم على هذا الجهل بمقدار هذا الذي ارتكبتموه ، كما قال بعض السلف : كل من عصى الله فهو جاهل ، وقرأ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=119ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ) إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=119إن ربك من بعدها لغفور رحيم ) [ النحل : 119 ] .
والظاهر - والله أعلم - أن
يوسف ، عليه السلام ، إنما تعرف إليهم بنفسه ، بإذن الله له في ذلك ، كما أنه إنما أخفى منهم نفسه في المرتين الأوليين بأمر الله تعالى له في ذلك ، والله أعلم ، ولكن لما ضاق الحال واشتد الأمر ، فرج الله تعالى من ذلك الضيق ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) [ الشرح : 5 ، 6 ] ، فعند ذلك قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90أئنك لأنت يوسف ) ؟
وقرأ
أبي بن كعب : " أو أنت
يوسف " ، وقرأ
ابن محيصن : " إنك لأنت
يوسف " . والقراءة المشهورة هي الأولى; لأن الاستفهام يدل على الاستعظام ، أي : إنهم تعجبوا من ذلك أنهم يترددون إليه من سنتين وأكثر ، وهم لا يعرفونه ، وهو مع هذا يعرفهم ويكتم نفسه ، فلهذا قالوا على سبيل الاستفهام : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90قد من الله علينا ) أي : بجمعه بيننا بعد التفرقة وبعد المدة ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين ) يقولون معترفين له بالفضل والأثرة عليهم في الخلق والخلق ، والسعة والملك ، والتصرف والنبوة أيضا - على قول من لم يجعلهم أنبياء - وأقروا له بأنهم أساءوا إليه وأخطئوا في حقه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92قال لا تثريب عليكم اليوم ) يقول : لا تأنيب عليكم ولا عتب عليكم اليوم ، ولا أعيد ذنبكم في حقي بعد اليوم .
[ ص: 409 ]
ثم زادهم
nindex.php?page=treesubj&link=32064الدعاء لهم بالمغفرة فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين )
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : اعتذروا إلى يوسف ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92لا تثريب عليكم اليوم ) يقول : لا أذكر لكم ذنبكم .
وقال
ابن إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92لا تثريب عليكم [ اليوم ] ) أي : لا تأنيب عليكم اليوم عندي فيما صنعتم (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92يغفر الله لكم ) أي : يستر الله عليكم فيما فعلتم ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92وهو أرحم الراحمين )
[ ص: 408 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=89nindex.php?page=treesubj&link=28983_31895_28901قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ ( 89 )
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ( 90 )
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=91قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ ( 91 )
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ( 92 ) )
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ
يُوسُفَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ : أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ لَهُ إِخْوَتُهُ مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْجَهْدِ وَالضِّيقِ وَقِلَّةِ الطَّعَامِ وَعُمُومِ الْجَدْبِ ، وَتَذَكَّرَ أَبَاهُ وَمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْحُزْنِ لِفَقْدِ وَلَدَيْهِ ، مَعَ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْمُلْكِ وَالتَّصَرُّفِ وَالسَّعَةِ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَخَذَتْهُ رِقَّةٌ وَرَأْفَةٌ وَرَحْمَةٌ وَشَفَقَةٌ عَلَى أَبِيهِ وَإِخْوَتِهِ ، وَبَدَرَهُ الْبُكَاءُ ، فَتَعَرَّفَ إِلَيْهِمْ ، يُقَالُ إِنَّهُ رَفَعَ التَّاجَ عَنْ جَبْهَتِهِ ، وَكَانَ فِيهَا شَامَةٌ ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=89هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ ) ؟ يَعْنِي : كَيْفَ فَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ) إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ ) أَيْ : إِنَّمَا حَمَلَكُمْ عَلَى هَذَا الْجَهْلُ بِمِقْدَارِ هَذَا الَّذِي ارْتَكَبْتُمُوهُ ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : كُلُّ مَنْ عَصَى اللَّهَ فَهُوَ جَاهِلٌ ، وَقَرَأَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=119ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=119إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) [ النَّحْلِ : 119 ] .
وَالظَّاهِرُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ
يُوسُفَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، إِنَّمَا تَعَرَّفَ إِلَيْهِمْ بِنَفْسِهِ ، بِإِذْنِ اللَّهِ لَهُ فِي ذَلِكَ ، كَمَا أَنَّهُ إِنَّمَا أَخْفَى مِنْهُمْ نَفْسَهُ فِي الْمَرَّتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ فِي ذَلِكَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَلَكِنْ لَمَّا ضَاقَ الْحَالُ وَاشْتَدَّ الْأَمْرُ ، فَرَّجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ الضِّيقِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) [ الشَّرْحِ : 5 ، 6 ] ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ ) ؟
وَقَرَأَ
أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ : " أَوَ أَنْتَ
يُوسُفُ " ، وَقَرَأَ
ابْنُ مُحَيْصِنٍ : " إِنَّكَ لَأَنْتَ
يُوسُفُ " . وَالْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ هِيَ الْأُولَى; لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِعْظَامِ ، أَيْ : إِنَّهُمْ تَعَجَّبُوا مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَتَرَدَّدُونَ إِلَيْهِ مِنْ سَنَتَيْنِ وَأَكْثَرَ ، وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ ، وَهُوَ مَعَ هَذَا يَعْرِفُهُمْ وَيَكْتُمُ نَفْسَهُ ، فَلِهَذَا قَالُوا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِفْهَامِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ) أَيْ : بِجَمْعِهِ بَيْنَنَا بَعْدَ التَّفْرِقَةِ وَبَعْدَ الْمُدَّةِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ ) يَقُولُونَ مُعْتَرِفِينَ لَهُ بِالْفَضْلِ وَالْأَثْرَةِ عَلَيْهِمْ فِي الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ ، وَالسَّعَةِ وَالْمُلْكِ ، وَالتَّصَرُّفِ وَالنُّبُوَّةِ أَيْضًا - عَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يَجْعَلْهُمْ أَنْبِيَاءَ - وَأَقَرُّوا لَهُ بِأَنَّهُمْ أَسَاءُوا إِلَيْهِ وَأَخْطَئُوا فِي حَقِّهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ) يَقُولُ : لَا تَأْنِيبَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَتْبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ، وَلَا أُعِيدُ ذَنْبَكُمْ فِي حَقِّي بَعْدَ الْيَوْمِ .
[ ص: 409 ]
ثُمَّ زَادَهُمُ
nindex.php?page=treesubj&link=32064الدُّعَاءَ لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : اعْتَذَرُوا إِلَى يُوسُفَ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ) يَقُولُ : لَا أَذْكُرُ لَكُمْ ذَنْبَكُمْ .
وَقَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ [ الْيَوْمَ ] ) أَيْ : لَا تَأْنِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ عِنْدِي فِيمَا صَنَعْتُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ) أَيْ : يَسْتُرُ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْتُمْ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )