وسبب ذلك أن السلطان محمد بن محمود بن ملكشاه أرسل إلى الخليفة المقتفي يطلب منه أن يخطب له ببغداد ، فلم يجبه إلى ذلك ، فسار من همذان إلى بغداد ليحاصرها ، فانجفل الناس ، وحصن الخليفة البلد ، وجاء السلطان محمد فحصر بغداد ووقف تجاه التاج من دار الخلافة في جحفل عظيم ، ورموا نحوه بالنشاب ، وقاتلت العامة قتالا عظيما بالنفط وغيره ، واستمر القتال إلى مدة ، فبينما هم كذلك إذ بلغ السلطان أن أخاه قد خلفه في همذان فانشمر عن بغداد راحلا إلى همذان في ربيع الأول من سنة اثنتين وخمسين ، وتفرقت العساكر الذين كانوا معه في البلاد ، وأصاب الناس بعد هذا القتال مرض شديد ، وموت ذريع ، واحترقت محال كثيرة من بغداد واستمر ذلك فيها مدة شهرين .
وفيها أطلق أبو البدر بن الوزير بن هبيرة من قلعة تكريت وكان له فيها ، معتقلا ، ثلاث سنين ، فتلقاه الناس إلى أثناء الطريق ، وامتدحه الشعراء ، فكان من جملتهم الأبله الشاعر ، أنشد الوزير قصيدة يقول في أولها :
بأي لسان للوشاة ألام وقد علموا أني سهرت وناموا
[ ص: 378 ] إلى أن قالويستكثرون الوصل لي منك ليلة وقد مر عام بالصدود وعام