الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 82 ] قال : ( وتكرار الغسل إلى الثلاث ) { لأن النبي عليه الصلاة والسلام توضأ مرة مرة ، وقال : هذا وضوء لا يقبل الله تعالى الصلاة إلا به ، وتوضأ مرتين مرتين وقال : هذا وضوء من يضاعف الله له الأجر مرتين ، وتوضأ ثلاثا ثلاثا وقال : هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي ، فمن زاد على هذا أو نقص فقد تعدى وظلم }والوعيد لعدم رؤيته سنة .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الحادي عشر : روي { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه توضأ مرة مرة ، وقال : هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به وتوضأ مرتين مرتين ، وقال : هذا وضوء من يضاعف له الأجر مرتين وتوضأ ثلاثا ثلاثا ، وقال : هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي فمن زاد على هذا أو نقص فقد تعدى وظلم } ، قلت : غريب بجميع هذا اللفظ ، وقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة عبد الله بن عمر ، وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وأبو هريرة ، وليس فيه : { فمن زاد على هذا أو نقص فقد تعدى وظلم }ولكنه مذكور [ ص: 83 ] في حديث آخر سنذكره بعد ذكر هذه الأحاديث .

                                                                                                        أما حديث عبد الله بن عمر ، فله طرق ، أمثلها ما رواه الدارقطني من حديث المسيب بن واضح ، ثنا حفص بن ميسرة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر ، قال : { توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة مرة ، وقال : هذا وضوء لا يقبل الله صلاة إلا به ، ثم توضأ مرتين مرتين ، وقال : هذا وضوء من يضاعف له الأجر مرتين ثم توضأ ثلاثا ثلاثا ، وقال : هذا وضوئي ووضوء المرسلين قبلي }انتهى .

                                                                                                        ورواه البيهقي في " سننه " وقال هو ، والدارقطني : تفرد به المسيب بن واضح وهو ضعيف ، وقال في المعرفة : المسيب بن واضح غير محتج به ، وقد روي هذا الحديث من أوجه كلها ضعيفة انتهى .

                                                                                                        وقال عبد الحق في أحكامه : هذا الطريق من أحسن طرق هذا الحديث ، ونقل عن ابن أبي حاتم أنه قال : المسيب صدوق لكنه يخطئ كثيرا . طريق آخر رواه ابن ماجه في " سننه " من حديث عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن معاوية بن قرة عن ابن عمر ، قال : { توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة واحدة فقال : هذا وضوء من لا يقبل الله منه صلاة إلا به ، ثم توضأ ثنتين ثنتين ، وقال : هذا وضوء القدر من الوضوء وتوضأ ثلاثا ثلاثا ، وقال : هذا أسبغ الوضوء وضوئي ووضوء خليل الله إبراهيم } ، مختصر .

                                                                                                        ورواه البيهقي في " سننه " . والطبراني في " معجمه " ، ولفظهما قالا : { دعا بماء فتوضأ مرة مرة ، وقال : هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به ثم دعا بماء فتوضأ مرتين مرتين ، وقال : هذا وضوء من أوتي أجره مرتين ثم دعا بماء فتوضأ ثلاثا ثلاثا ، وقال : هذا وضوئي ، ووضوء الأنبياء قبلي }. انتهى .

                                                                                                        قال البيهقي : هكذا رواه عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه ، وخالفهما غيرهما ، وليسا في الرواية بقويين انتهى .

                                                                                                        وقال ابن أبي حاتم في علله : سألت أبي عن حديث رواه عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن معاوية بن قرة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره بلفظ البيهقي ، فقال أبي : عبد الرحيم بن زيد متروك الحديث ، وأبوه زيد ضعيف الحديث ، ولا يصح هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبي : وسئل أبو زرعة [ ص: 84 ] عن هذا الحديث ، فقال : هو عندي حديث واه ، ومعاوية بن قرة لم يلق ابن عمر انتهى .

                                                                                                        ثم وجدته في " معجم الطبراني الوسط " عن مرحوم بن عبد العزيز عن عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن معاوية بن قرة عن أبيه عن جده ، فذكره ، وقال : هكذا رواه مرحوم بن عبد العزيز عن عبد الرحيم بن زيد ، ورواه الحجي ، وغيره عن عبد الرحيم بن زيد فقال : فيه عن ابن عمر ، ورواه بسند ابن ماجه ابن حبان في " كتاب الضعفاء " وأعله بعبد الرحيم بن زيد العمي وأبيه ، وضعفهما ، قال في الإمام : وزيد العمي مختلف فيه ، فضعفه النسائي . وأبو زرعة ، وقال الحسن بن سفيان : هو ثقة ، وقال أحمد : صالح ، وإنما سمي العمي : لأنه كان إذا سئل قال : حتى أسأل عمي انتهى .

                                                                                                        وأما حديث أبي بن كعب ، فرواه ابن ماجه أيضا في " سننه " حدثنا جعفر بن مسافر ثنا إسماعيل بن قعنب أبو بشر ثنا عبد الله بن عرادة الشيباني عن زيد بن أبي الحواري عن معاوية بن قرة عن عبيد بن عمير عن أبي بن كعب { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بماء فتوضأ مرة مرة ، وقال : هذا وظيفة الوضوء ، أو قال : وضوء من لم يتوضأه لم يقبل الله له صلاة ، ثم توضأ مرتين مرتين ، وقال : هذا وضوء من توضأه أعطاه الله كفلين من الأجر ، ثم توضأ ثلاثا ثلاثا ، وقال : هذا وضوئي ووضوء المرسلين قبلي }" . انتهى وهو ضعيف .

                                                                                                        قال ابن معين في [ زيد بن الحواري : ليس بشيء ، وقال النسائي : ضعيف وقال أبو زرعة : واهي الحديث ، وعبد الله بن عرادة ، قال فيه ابن معين أيضا : ليس بشيء . وقال البخاري : منكر الحديث ، وقال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به .

                                                                                                        وأما حديث زيد بن ثابت . وأبي هريرة ، فرواه الدارقطني في كتابه " غرائب مالك " من حديث علي بن الحسن الشامي ثنا مالك بن أنس عن ربيعة عن سعيد بن المسيب عن زيد بن ثابت ، وأبي هريرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة ، وقال : هذا الذي لا يقبل الله العمل إلا به وتوضأ مرتين مرتين ، وقال : هذا يضاعف الله به الأجر مرتين ، وتوضأ ثلاثا ثلاثا . وقال : هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي }انتهى .

                                                                                                        قال الدارقطني : تفرد علي بن الحسن ، وكان ضعيفا انتهى .

                                                                                                        والحديث الذي أشرنا إليه أولا رواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه من حديث [ ص: 85 ] عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده { أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله كيف الطهور ؟ فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثا ، ثم غسل وجهه ثلاثا ، ثم غسل ذراعيه ثلاثا ، ثم مسح برأسه وأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه وبالسباحتين على باطن أذنيه ، ثم غسل رجليه ثلاثا ، ثم قال : هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم ، أو ظلم وأساء }" .

                                                                                                        وفي لفظ لابن ماجه : " { أو تعدى وظلم }" . وللنسائي { : فقد أساء وتعدى وظلم }" . قال الشيخ تقي الدين في الإمام : وهذا الحديث صحيح عند من يصحح حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده لصحة الإسناد إلى عمرو . انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية