الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( فإن طاف طوافين لعمرته وحجته وسعى سعيين يجزيه ) ; لأنه أتى بما هو المستحق عليه ، وقد أساء بتأخير سعي العمرة وتقديم طواف التحية عليه ولا يلزمه شيء ; أما عندهما فظاهر ; لأن التقديم والتأخير في المناسك لا يوجب الدم عندهما وعنده طواف التحية سنة وتركه لا يوجب الدم فتقديمه أولى والسعي بتأخيره بالاشتغال بعمل آخر لا يوجب الدم فكذا بالاشتغال بالطواف

                                                                                                        [ ص: 210 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 210 ] أحاديث الباب : أخرج النسائي في " سننه الكبرى في مسند علي " عن حماد بن عبد الرحمن الأنصاري عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية ، قال : طفت مع أبي وقد جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين ، وسعى لهما سعيين ، وحدثني أن عليا فعل ذلك ، وقد حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ، انتهى .

                                                                                                        قال صاحب " التنقيح " : وحماد هذا ضعفه الأزدي ، وذكره ابن حبان في " الثقات " ; قال بعض الحفاظ : هو مجهول ، والحديث من أجله لا يصح انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد { عن ابن عمر أنه جمع بين حج وعمرة ، فطاف لهما طوافين وسعى سعيين ; وقال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما صنعت }انتهى .

                                                                                                        وأخرجه عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن { علي ، قال : رأيت النبي عليه السلام قرن ، وطاف طوافين ، وسعى سعيين }انتهى .

                                                                                                        قال الدارقطني : لم يروهما غير الحسن بن عمارة ، وهو متروك ، ثم هو قد روى عن ابن عباس ضد هذا ، ثم أخرجه عن الحسن بن عمارة عن سلمة بن كهيل عن طاوس ، قال : سمعت { ابن عباس يقول : لا والله ما طاف لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا طوافا واحدا ، فهاتوا هذا الذي يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف لهما طوافين }انتهى .

                                                                                                        وبالسند الثاني رواه العقيلي في " كتاب الضعفاء " ، فقال : حدثنا عبد الله بن محمد بن صالح السمرقندي ثنا يحيى بن حكيم المقوم ، قال : قلت لأبي داود الطيالسي : إن محمد بن الحسن صاحب الرأي حدثنا عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن علي ، قال : فذكره ، فقال أبو داود : من هذا ؟ كان شعبة يشق بطنه من الحسن بن عمارة ، وأطال العقيلي في تضعيف الحسن بن عمارة ; وأخرجه الدارقطني أيضا عن حفص بن أبي داود عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي بنحوه ، قال : وحفص هذا ضعيف ، وابن أبي ليلى رديء الحفظ ، كثير الوهم ، انتهى .

                                                                                                        وأخرجه أيضا عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنا فطاف طوافين وسعى سعيين }انتهى . قال : وعيسى [ ص: 211 ] بن عبد الله يقال له : مبارك ، وهو متروك الحديث .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني عن أبي بردة عمرو بن يزيد عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله ، قال : { طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرته وحجته طوافين ، وسعى سعيين } ، وأبو بكر ، وعمر ، وعلي ، وابن مسعود ; قال الدارقطني : وأبو بردة متروك ، ومن دونه في الإسناد ضعفاء ، انتهى .

                                                                                                        حديث آخر : أخرجه الدارقطني أيضا عن محمد بن يحيى الأزدي ثنا عبد الله بن داود عن شعبة عن حميد بن هلال عن مطرف عن عمران بن حصين { أن النبي عليه السلام طاف طوافين وسعى سعيين }انتهى .

                                                                                                        قال الدارقطني : يقال : إن محمد بن يحيى حدث بهذا من حفظه ، فوهم في متنه ; والصواب بهذا الإسناد { أن النبي عليه السلام قرن الحج والعمرة } ، وليس فيه ذكر الطواف ولا السعي ، ويقال : إنه رجع عن ذكر الطواف والسعي ، وحدث به على الصواب ، كما حدثنا به محمد بن إبراهيم بن نيروز حدثنا محمد بن يحيى الأزدي به { أن النبي عليه السلام قرن }انتهى .

                                                                                                        قال : وقد خالفه غيره ، فلم يذكر فيه الطواف ولا السعي ، كما حدثنا به أحمد بن عبد الله بن محمد الوكيل ، ومحمد بن مخلد ، قالا : حدثنا القاسم بن محمد بن عباد المهلبي ثنا عبد الله بن داود ثنا شعبة ، بهذا الإسناد { أن النبي عليه السلام قرن } ، انتهى .

                                                                                                        الآثار : روى محمد بن الحسن الشيباني في " كتاب الآثار " أخبرنا أبو حنيفة حدثنا منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي عن أبي نصر السلمي عن علي بن أبي طالب ، قال : إذا أهللت بالحج والعمرة ، فطف لهما طوافين ، واسع لهما سعيين بالصفا والمروة ، قال منصور : فلقيت مجاهدا ، وهو يفتي : بطواف واحد لمن قرن ، فحدثته بهذا الحديث ، فقال : لو كنت سمعته لم أفت إلا بطوافين ، وأما بعد ، فلا أفتي إلا بهما انتهى .

                                                                                                        وأخرجه البيهقي في " المعرفة " من طريق الشافعي أخبرنا رجل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب ، قال في القارن : يطوف طوافين ، قال الشافعي : وهذا معناه أنه يطوف حين يقدم بالبيت ، وبالصفا والمروة ، ثم يطوف بالبيت للزيارة ، قال البيهقي : وأصح ما روي عن علي في ذلك من حديث مالك بن الحارث عن أبي نصر عن علي في حديث [ ص: 212 ] ذكره ، ثم يحرم لهما جميعا ، ويطوف لهما طوافين ، هكذا رواه سفيان بن عيينة عن منصور عن إبراهيم عن مالك بن الحارث ; وكذلك رواه الثوري ، وشعبة ، وبعضهم قال : عن منصور عن مالك بن الحارث ، ويشبه أن يكون المعنى فيه ما قال الشافعي ; ورواه عبد الرحمن بن أبي نصر بن عمرو عن أبيه ، قال : القارن يطوف طوافين ، قال البخاري : لا يصح ، وقال ابن المنذر : لا يثبت عن علي خلاف قول ابن عمر ، إنما رواه مالك بن الحارث عن أبي نصر عن علي ، وأبو نصر رجل مجهول ، مع أنه لو كان ثابتا كان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى : { من أحرم بالحج والعمرة ، أجزأه عنهما طواف واحد ، وسعي واحد }انتهى .

                                                                                                        وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا هشيم عن منصور بن زاذان عن الحكم عن زياد بن مالك أن عليا ، وابن مسعود ، قالا في القارن : يطوف طوافين ويسعى سعيين انتهى . ثنا حفص بن غياث عن حجاج عن الحكم عن عمرو عن الحسن بن علي ، قال : إذا قرنت بين الحج والعمرة فطف طوافين واسع سعيين ، انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية