فروع اثنا عشر :
الأول : قال في العتبية : سحنون قال يمسح على المهاميز الباجي : قال ، وجماعة أصحابه : لا يجب الإيعاب ، والواجب عند ابن مسلمة رضي الله عنه أقل ما ينطلق عليه الاسم ، وعند الشافعي أبي حنيفة ثلاثة أصابع ، وعند مسح أكثره . ابن حنبل
حجتنا : أن كل موضع صح فيه الفعل وجب إذ لو انتفى الوجوب لما صح أصله الساق ، وإذا كان الوجوب متقررا في آخر العضو وجب إيعابه كسائر أعضاء الوضوء . الثاني : في الكتاب وضع اليد اليمنى على أطراف أصابع الرجل من ظهرها ، واليسرى تحت أصابعها مارا بهما إلى موضع الوضوء قياسا على الوضوء لأنه بدله . قال صاحب الطراز : وقيل عكسه ، وعند صفة المسح : [ ص: 329 ] اليمنى على حالتها ، واليسرى يبدأ بها من العقب إلى الأصابع ليسلم من آثار العقب ، وهو قول ابن عبد الحكم . قال صاحب الطراز : قال بعض الأصحاب : ظاهر الكتاب يقتضي جعل اليمنى على أعلى اليسرى ، ويفعل في اليسرى كذلك ، وهو وهم ، فإن الإشارة إلى البداية فقط لقول الشافعي مالك في الواضحة : يجعل اليمنى تحت اليسرى ، واليسرى من فوقها لأنه أمكن في مسحها . الثالث : قال في الكتاب : ، لكن الاقتصار على الظاهر يوجب الإعادة في الوقت ، وقال لا يجزئ مسح الباطن عن الظاهر ، ولا العكس : لا يعيد مطلقا . قال صاحب الطراز : وقوله لا يجزئ يحتمل في الفعل ، وفي الحكم ، وهو قول سحنون ابن نافع ، ويعيد عنده أبدا ، وهو أقعد بأصل مالك ; لأن الخف بدل فيثبت له حكم مبدله ، ولأنه لو لا يمسح عليه . انخرق باطنه خرقا فاحشا
والمذهب مبني على أن الحكم انتقل إلى الخف من حيث هو خف كالتيمم لا يراعى فيه مواضع الوضوء ، ولا الغسل ، فلو اقتصر على الأسفل قال : لا يجزئه على المشهور ، وقال أشهب : يجزئه .
فرع : مرتب : قال : إذا قلنا يعيد في الوقت قال ابن أبي زيد : يعيد الوضوء لعدم الموالاة ، ويتخرج فيه قول بإعادة أسفله وحده . الرابع : قال في الكتاب : يزيل الطين من أسفل الخف ليصادفه المسح ، فلو مسح الطين ، أو غسله ليمسح الخف ، ثم نسي لم يجزه ، ويعيد الصلاة لعدم نية الطهارة قاله صاحب الطراز ، فلو غسل بنية الوضوء قال ابن حبيب : يجزئه ، ويستحب له الإعادة ليأتي بالمشروع غير تابع . الخامس : قال في الكتاب : إذا مسح الأعلى ، وروى لبس خفين على خفين ابن وهب المنع .
حجة الأول : أن الأحاديث وردت من غير استفصال ، ولأن الضرورة كما تدعو الخف الواحد تدعو الخفين قال اللخمي : والخلاف إنما هو في لبسهما عقيب [ ص: 330 ] غسل ، أما لو لبس الأول عقيب غسل ، والثاني بعد مسح ، فإنه يجوز قولا واحدا . قال صاحب الطراز : ينبغي العكس .
وحجة المنع أن الخف الأعلى إن كان بدلا من الأسفل لزم أن يكون للبدل بدل ، وهو غير معهود ، أو من الرجل فيلزم ألا يعيد المسح على الأسفل إذا نزع الأعلى . السادس : قال في الكتاب : إذا مسح على الأخرى لقيام مسح الخف مقام غسل الرجل في رفع الحدث ، وقال بعض مسح على خفيه ، ثم لبس أخرى بعد المسح الشافعية : لا يمسح ; لأن المسح لا يرفع الحدث لوجوب الغسل عند النزع ، فلا يقوم مقام الغسل كالتيمم ، وفرق بين هذه المسألة ولبسهما بعد الغسل ; لأن الغسل يرفع الحدث . السابع : قال ابن القاسم في الكتاب : إذا مسح الأعلى ، ثم نزعه مسح الأسفل ، وأجزأه خلافا ح ، فإن أخر ذلك أعاد الوضوء كالذي يفرق وضوءه ، ورأى أبو حنيفة أن الخفين شيء واحد بدل من الرجل ، فإذا لم تظهر بقي حكم المسح ، وفرق بين الخفين ، والجرموقين ، وقال : يمسح الخف إذا نزع الجرموق الأعلى لاختلاف الجنس ، ويؤيد قوله من مسح رأسه ، ثم حلق شعره لا يعيد مسحا .
حجتنا : القياس على من نزع الخف عن الرجل ، وعلى الجبائر .
قال صاحب الطراز : وأما ، فثلاثة أقوال : الغسل نزع خفه بعد المسح لمالك ، والوضوء له أيضا ، ولا يتوضأ ، ولا يغسل للحسن .
حجة المشهور انتقال حكم المسح للرجل ، والرجل لا تمسح ، فتغسل ، وقوله عليه السلام : ( ) . إذا أدخلت رجليك في الخف ، وهما طاهرتان ، فامسح عليهما ما شئت ، وما بدا لك ما لم تخلعهما ، أو تصيبك جنابة
فاشترط عدم النزع ، والقياس على نزع العصائب .
[ ص: 331 ] حجة الوضوء أن المسح رفع الحدث ، فإذا نزع تجدد الحدث ، وهو لا يتبعض لأنا لا نجد شيئا ينقض الوضوء في عضو دون غيره فيعم ، فيجب الوضوء ، ويرد عليه أن النزع ليس بحدث بل الحدث هو ما سلف ، وقد عمل بموجبه ، إلا غسل الرجل أبدل بالمسح ، فإذا ذهب المسح أكملت الطهارة بالغسل .
حجة الثالث القياس على حلق الرأس .
فإذا قلنا : يمسح على الأسفل ، فنزع فردا من الأعليين . قال صاحب الطراز : قال ابن القاسم : يمسح تلك الرجل على الأسفل ، وقال ، سحنون وابن حبيب : ينزع الأخرى ، ويمسح الأسفلين .
حجة ابن القاسم أن الملبوس باق على حكم البداية ، والقياس على ما إذا لبس ابتداء على إحدى رجليه خفين ، وعلى رجل خفا ، والفرق بين هذه ، وبين خلع أحد الخفين المنفردين أن الخف باق على البدلية ، وهناك بالخلع بطلت البدلية بسبب الغسل في إحدى الرجلين إذ لا يجمع بينهما .
حجة أن الطهارة لا تتبعض في الانتقاض ، والخفاف كالشيء الواحد فيبطل فيهما كما لو كانا على الرجلين . سحنون
وإذا قلنا يمسح ما تحت المنزوع ، فمسح ، ثم لبس المنزوع قال ابن القاسم في العتبية : يمسح عليه ، ولا يشترط أن يزيد على الرجل الأخرى خفا آخر ، فإن البدلية قد حصلت بستر الرجلين بجنس الخف . الثامن : في الجلاب : إذا كان على كل رجل خف ، فنزع إحدى الرجلين نزع الأخرى ، وغسل لئلا يجمع البدل ، والمبدل ، وقال القاضي في الإشراف عن أصبغ : يمسح اللابسة ، ويغسل المنزوعة . التاسع : لو تعسر نزع الخف الباقي قال عبد الحق عن بعض الشيوخ : إنه يغسل المنزوعة ، ويمسح الأخرى على ذلك الخف حفظا لمالية الخف ، وقياسا على الجبيرة ، ونقل عن بعض البغداديين منع الإجزاء لتعذر المشي على هذه الهيئة .
[ ص: 332 ] قال : وينتقل إلى التيمم ، واستحسنه صاحب الطراز ، وقيل : يمزق الخف ترجيحا لجانب العبادة على المالية . العاشر : قال في الكتاب : كان ابن شاس مالك يقول : أسفلهما جلد يبلغ موضع الوضوء مخروز ، ثم رجع عن ذلك . قال صاحب الطراز : والجرموقان على ظاهر الكتاب الجوربان المجلدان قال يمسح على الجرموقين ابن حبيب : هما الخفان الغليظان لا ساق لهما ، وهذا الذي قاله ابن حبيب هو المعروف ، ونقل ابن بشير هما خف على خف فيكون فيهما ثلاثة أقوال .
حجة الجواز ما رواه الترمذي أنه عليه السلام توضأ ، ومسح على الجرموقين ، والنعلين ، وروي ذلك عن عمر ، ، وجماعة من السلف ، ووجهة الثاني أن القرآن اقتضى الغسل ، فلا يخرج عنه إلا بمتواتر مثله ، وهذه الأحاديث لم يخرجها أحد ممن اشترط الصحة ، وقد ضعفها وابن عباس أبو داود بخلاف أحاديث الخفين ، فإنها متواترة ، ولأنها بمنزلة اللفائف ، واللفائف لا يمسح عليها .
وأما ما يروى عن السلف ، فمحمول على المجلدين ، ويتخرج هذا الخلاف أيضا في القاعدة الأصولية ، وهي أن الرخص إذا وقعت على خلاف الأصل هل يلحق بها ما في معناها للعلة الجامعة بينهما ، أو يغلب بالدليل الثاني للمترخص ؟ قولان . الحادي عشر : قال في الكتاب : إذا تزحزحت رجلاه إلى ساق الخف نزعهما ، وغسل رجليه ، وإن خرج العقبان إلى الساق قليلا ، والقدم على حالها ، فردهما مسح ; لأن الأول يعد خلعا لهما بخلاف الثاني . قال صاحب الطراز : إن كان بقصده أخرج عقبه خرج على رفض الطهارة ، وإن كان بغير قصده فلا شيء عليه . الثاني عشر : في الجواهر : يكره التكرار ، والغسل فيهما ، ويجزئ إن فعل .
[ ص: 333 ] وقد تقدم خلاف ابن حبيب في الغسل ، وسبب الكراهة في التكرار أن الغسل مبني على التخفيف ، والتكرار ينافيه ، ولأن العمل في السنة على خلافه ، وأما الغسل ، فلأن المسح أول مراتب الغسل فيقع المأمور به تبعا ، والأصل أن يكون مقصودا .