الباب الثاني في جامع فيه أطراف آداب القضاء
الأول : في آداب متفرقة وهي عشرة .
الأول : أن يكتب الإمام كتاب العهد لمن ولاه القضاء ، ويذكر فيه ما يحتاج القاضي إلى القيام به ، ويعظه فيه ، فإن كان يبعثه إلى بلد آخر ، نظر إن كان بعيدا لا ينتشر الخبر إليه ، فليشهد شاهدين على التولية على الوجه الذي تضمنه الكتاب ويقرآنه ، أو يقرؤه الإمام عليهما ، فإن قرأ غير الإمام ، فالأحوط أن ينظر الشاهدان فيه ، ثم يخرج الشاهدان معه ، فيخبران بالحال هناك ، قال الأصحاب : وليس هذا على قواعد الشهادات ، إذ ليس هناك قاض يؤدي عنده الشهادة . ولو أشهد ولم يكتب ، كفى ، فإن الاعتماد على الشهود وإن كان البلد قريبا ينتشر الخبر إليه ويستفيض ، فإن أشهد شاهدين يخرجان معه كما ذكرنا ، فذاك ، وإلا ففي الاكتفاء بالاستفاضة وجهان ، أحدهما : المنع ، وبه قال أبو إسحاق ؛ لأن العقود لا تثبت بالاستفاضة كالوكالة والإجارة ، وأصحهما الاكتفاء ، وبه قال الإصطخري : إذ لم ينقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عن الخلفاء الإشهاد ، ومن الأصحاب من أطلق الوجهين ، ولم يفرق بين البلد البعيد والقريب ، ويشبه أن لا يكون خلاف ، ويكون التعويل على الاستفاضة ، ولا يجوز اعتماد مجرد الكتابة بغير استفاضة ، ولا إشهاد ، هذا هو المذهب والمفهوم من كلام الجمهور . وذكر في اعتماده وجهين . الغزالي