الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        الفصل الثاني

        الوسـائل والحيـل

        تمهيد

        لقد ثبت بالاستقراء أن الشريعة الإسلامية معللة بمصالح العباد في العاجل والآجل، وما من حكم شرعي سواء في العبادات أو المعاملات شرعه الله عز وجل في كتابه، أو على لسان نبيه إلا وفيه مصلحة، سواء أدركتها العقول أو قصرت عن ذلك.

        كما أن الأحكام الشرعية مقترنة بهذه المصالح اقتران الوسيلة بالمقصد، لذلك وجب الالتزام بها تحقيقا لمقصد الشارع. فإذا ثبت هـذا، فلا بد أن تكون مقاصد المكلف من التزامه بالحكم مطابقة لمقاصد الشارع من التشريع، وذلك لتتحقق المصالح المقررة من الشارع من خلال تلك الأحكام، فإذا خالفت مقاصد المكلف لمقاصد الشارع كانت كل أعماله وتصرفاته باطلة ولا اعتداد بها.

        والتحيل غير المشروع أحد الوسائل التي تؤدي إلى المناقضة بين مقاصد المكلف ومقاصد الشارع؛ لأن باعث المكلف أو قصده يخالف به [ ص: 123 ] مقاصد الشرع. أما إذا كان فعله لا يناقض الشريعة ويحقق مقاصدها فهو جائز؛ لأن لا مخالفة بين مقاصد المكلف ومقاصد الشارع.

        وعليه، فموضوع الحيل من الموضوعات المهمة للدراسة والبحث؛ وذلك لأن كثيرا ممن تناولها بالبحث بصفة عامة دون تفصيل فيها، فلم يبينوا ماهو جائز منها وماهو محرم، وما ضوابط ذلك، والسبب يعود إلى أن الحيلة في واقع الأمر ليس من الضروري أن تكون وسـيلة إلى محرم، إذ من الممكن أن تكون وسيلة إلى جائز، فتعد عندها مخرجا من المخارج، لذلك فالأصل في الحيل هـي كل وسيلة تتخذ لتحقيق غرض، سواء كان مشروعا أو غير مشروع، يحقق مقصدا أو يهدمه.

        لكن جرى عرف العلماء على إطلاق مصطلح الحيل على كل فعل القصد منه هـو إبطال مقاصد الشرع بتحريم ما أحل أو بتحليل ما حرم. [ ص: 124 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية