الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فإن نوى ) بتيممه ( فرضا ونفلا ) أي استباحتهما ( أبيحا ) عملا بنيته وأفهم تنكيره الفرض عدم اشتراط توحيده فلو نوى فرضين أو أكثر استباح واحدا منهما أو من غيرهما وتعيينه ففي إطلاقه يصلي أي فرض شاء وفي تعيينه كأن تيمم لمنذورة أو لفائتة ضحى يصلي غيره كالظهر بعد دخول وقته ولأنه صح لما قصده فجاز غيره ؛ لأنه من جنسه نعم لو عين فأخطأ لم يصح بخلاف الوضوء ؛ لأنه يرفع الحدث وإذا ارتفع استباح ما شاء والتيمم مبيح وبالخطأ صادفت نيته استباحة ما لا يستباح ( أو ) نوى ( فرضا ) فقط ( فله النفل على المذهب ) ؛ لأنه تابع أولوي بالاستباحة وسيعلم أن صلاة الجنازة في حكم النفل وإن تعينت عليه وظاهر أن الطواف كالصلاة ففرضه يبيح فرضها ونفله يبيح نفلها ( أو ) نوى ( نفلا ) فقط ( أو ) نوى ( الصلاة ) وأطلق ( تنفل ) أي جاز له النفل ( لا الفرض على المذهب ) [ ص: 361 ] ؛ لأن الفرض أصل فلا يتبع غيره وأخذا بالأحوط في الثانية وكون المفرد المحلى بأل للعموم إنما يفيد فيما مداره على الألفاظ والنيات ليست كذلك على أن بناءها على الاحتياط يمنع العمل فيها بمثل ذلك لو فرض أن للألفاظ فيها دخلا فاندفع ما للإسنوي وغيره هنا ونية ما عدا الصلاة كسجدة تلاوة أو مس مصحف أو قراءة أو مكث بمسجد أو استباحة وطء تبيح جميع ما عداها لا شيئا منها ؛ لأنها أعلى ونية الأدون لا تبيح الأعلى نعم نية خطبة الجمعة كنية صلاة الجنازة فيستبيح بها ما عدا الفرض العيني فالحاصل أن نية الفرض تبيح الجميع ونية النفل أو الصلاة أو صلاة الجنازة أو خطبة الجمعة تبيح ما عدا الفرض العيني ونية شيء مما عدا الصلاة لا تبيحها وتبيح جميع ما عداها .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله [ ص: 360 ] لا الفرض ) منصوب معطوف على المفعول الذي تضمنه تنفل إذ معناه فعل النفل [ ص: 361 ] قوله نعم نية خطبة الجمعة إلخ ) الذي اعتمده شيخنا الشهاب الرملي أن خطبة الجمعة لها حكم الفرض العيني وفاقا لظاهر كلام الشيخين نظرا ؛ لأنها بدل ركعتين على قول فلا يجمعها مع فرض عيني بتيمم واحد ولو تيمم لها جاز أن يفعل بذلك التيمم الفرض العيني .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله فلو نوى فرضين إلخ ) أي كأن نوى استباحة الظهر والعصر وينبغي الصحة أيضا فيما لو نوى أحد فرضين لا بعينه كأن قال نويت استباحة الظهر أو العصر ع ش . ( قوله ضحى ) ظرف لقوله تيمم . ( قوله نعم لو عين إلخ ) أي كمن نوى فائتة ولا شيء عليه أو ظهرا وإنما عليه عصر وكذا من ظن أو شك هل عليه فائتة فتيمم لها

                                                                                                                              ثم ذكرها لم يصح تيممه لأن وقت الفائتة بالتذكر كما سيأتي مغني ونهاية قول المتن ( أو نوى فرضا فله النفل ) أي مع الفرض تقدم عليه أو تأخر نهاية ومغني قال ع ش قضية إطلاق المتن أنه يستبيح بنية الفرض الصلوات الخمس وغيرها من الفرائض وإن لم يقيد الفرض في نيته بالعيني لأن الفرض اشتهر في الفرض العيني بحيث إذا أريد غيره لا يذكر إلا مقيدا فوجب حمل اللفظ عليه عند الإطلاق بخلاف الصلاة فإنها تصدق على كل من الفرض والنفل صدقا واحدا فمطلقها ينزل على أقل الدرجات وبقي ما لو قال نويت استباحة فرض وأطلق فهل يحمل على الفرض العيني فيصلي به ما شاء أو على فرض الكفاية فيصلي به صلاة الجنازة وما في معناها فيه نظر وببعض الهوامش من غير عزو أنه يحمل على الجنازة تنزيلا له على أقل الدرجات وأقول حيث جعلت العلة التنزيل على أقل الدرجات فالأقرب حمله على مس المصحف وما في معناه لأن مما يصدق به الفرض مس المصحف وحمله وإذا وجب كأن خيف عليه تنجس أو كافر ومما يصدق عليه ذلك المكث في المسجد إذا نذر الاعتكاف فيه فلا يصلي به فرضا من الصلوات ولا نفلا منها ا هـ

                                                                                                                              عبارة البجيرمي قوله أو فرضا فقط إلخ محله إذا أضافه للصلاة أما لو نوى فرضا وأطلق كأن نوى استباحة فرض ولم يزد على ذلك فإنه يستبيح ما عدا الصلاة لتنزيله على أقل درجات الفرض وهو تمكين الخليل وحمل نحو المصحف لمن نذره أو خاف عليه من أخذ كافر ا هـ سم وهذا هو الأحوط ا هـ أقول لقضية إطلاق المتن أنه إذا نوى استباحة فرض وأطلق يستبيح بها الفرض العيني كإحدى الصلوات الخمس كما ذكره ع ش أولا وأيضا كلام النهاية والمغني في بيان مقابل المذهب وقول الشارح المار آنفا وتعيينه ففي إطلاقه إلخ كالصريح في ذلك والله أعلم . ( قوله أو نوى فرضا فقط ) أي كأن يقول نويت استباحة فرض الصلاة أو فرض الطواف شيخنا وهذا التصوير بتقييد الفرض بالصلاة أو الطواف موافق لما مر آنفا عن البجيرمي وعن ع ش آخرا ومخالف لإطلاق المنهاج والمنهج ولكلام النهاية والمغني والشارح كما مر .

                                                                                                                              ( قوله لأنه تابع ) لعل المراد أن النفل تابع في المشروعية للفرض فإن من لم يخاطب بالفرض لم يخاطب بالنقل أو أن النوافل شرعت جابرة للفرائض فكأنها مكملة لها فعدت تابعة بهذا الاعتبار ع ش وقال بعضهم المراد أن الخطاب وقع أولا بالفرض ليلة الإسراء . وأما السنن فسنها النبي صلى الله عليه وسلم بعد ا هـ . ( قوله وسيعلم إلخ ) أي من قول المصنف الآتي والأصح صحة جنائز مع فرض . ( قوله وظاهر ) إلى المتن في النهاية والمغني . ( قوله ففرضه ) أي ولو منذورا قال الشوبري وطواف الوداع كالفرض العيني على الأقرب وإن توقف فيه بعضهم من حيث إنه ليس ركنا وللقول بأنه سنة ا هـ ورأيت إلحاقه بالعيني في كلام غيره أيضا كردي قول المتن ( لا الفرض ) منصوب .

                                                                                                                              [ ص: 361 ] معطوف على المفعول الذي تضمنه تنفل إذ معناه فعل النفل سم و ع ش وقضية قول الشارح أي جاز له إلخ أنه مرفوع معطوف على الفاعل الذي تضمنه تنفل . ( قوله لأن الفرض ) إلى المتن في النهاية إلا قوله نعم إلى فالحاصل وقوله أو خطبة الجمعة . ( قوله لأن الفرض إلخ ) أي في الأولى ( تنبيه )

                                                                                                                              يكفي في نذر الوتر تيمم واحد وكذا الضحى ونحو ذلك قليوبي وقال الشيخ البابلي نقلا عن مشايخه لو نذر التراويح وجب عليه عشرة تيممات لوجوب السلام من كل ركعتين فليس الجميع كصلاة واحدة من هذه الجهة ولو نذر الضحى أو الوتر كفاه تيمم واحد حيث لم ينذر السلام من عدد معين فإن نذره وجب التيمم بعدده وفي فتاوى م ر ما يوافقه خلافا لحج في شرح العباب ا هـ بجيرمي ويأتي في هامش والنذر كفرض عن ع ش زيادة بسط واستظهار ما في شرح العباب حج . ( قوله إنما يفيد فيما مداره إلخ ) يؤخذ منه أنه لو نوى بقلبه استباحة كل صلاة استباح الفرض وهو الذي يتجه ولعله مراد الإسنوي إذ يجل مقامه أن يدير الحكم على مجرد التلفظ وآحاد المبتدئين لا يخفى عليهم أنه لا دخل له في النية وجودا وعدما بصري .

                                                                                                                              ( قوله على أن بناءها ) أي النيات . ( قوله بمثل ذلك ) أي كون المفرد المحلى بأل للعموم . ( قوله ونية ما عدا الصلاة ) إلى المتن في المغني . ( قوله كسجدة تلاوة ) أي أو شكر نهاية ومغني . ( قوله أو مس مصحف ) أي أو حمله مغني . ( قوله أو قراءة أو مكث إلخ ) أي لنحو جنب نهاية ومغني . ( قوله يبيح ) الأولى التأنيث . ( قوله نعم نية خطبة الجمعة إلخ ) الذي اعتمده شيخنا الشهاب الرملي أي وولده أن خطبة الجمعة لها حكم الفرض العيني وفاقا لظاهر كلام الشيخين نظرا لأنها بدل ركعتين على قول فلا يجمعها مع فرض عيني بتيمم واحد ولو تيمم لها جاز أن يفعل بذلك التيمم الفرض العيني سم .

                                                                                                                              ( قوله فالحاصل إلخ ) عبارة شيخنا والحاصل أن المراتب ثلاثة المرتبة الأولى فرض الصلاة ولو منذورة وفرض الطواف كذلك وخطبة الجمعة لأنها بمنزلة ركعتين فهي كصلاتها عند الرملي ويحتاط فيها عند ابن حجر كشيخ الإسلام فلا يصلي بالتيمم لها فرضا ولا يجمع معها فرضا آخر ولو مثلها فلا يخطب ثانيا بعد أن خطب أولا بتيمم واحد ولو كان في المرة الأولى زائدا على الأربعين خلافا لابن قاسم وله جمع الخطبتين على المنبر الواحد بتيمم واحد لأنها فرض واحد ، المرتبة الثانية نفل الصلاة ونفل الطواف وصلاة الجنازة لأنها وإن كانت فرض كفاية فالأصح إنها كالنفل ، المرتبة الثالثة ما عدا ذلك كسجدة التلاوة والشكر وقراءة القرآن من الجنب ونحوه ولو منذورة ومس المصحف وتمكين الحليل فإذا نوى واحدا من المرتبة الأولى استباح واحدا منها ولو غير ما نواه واستباح معه جمع الثانية والثالثة وإذا نوى واحدا من الثانية استباح جميعها وجميع الثالثة دون شيء من الأولى وإذا نوى شيئا من الثالثة استباحها كلها وامتنعت عليه الأولى والثانية ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية