الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا متغير ) قيل الأحسن حذف الميم ليناسب ما قبله ويرد بأن التفنن المشعر باتحاد المقصود من العبارتين أفود وأبلغ . ( بمكث ) [ ص: 71 ] بتثليث ميمه وطين وطحلب بفتح لامه وضمها نابت من الماء أو ألقي فيه ولم يدق وورق وقع بنفسه وإن تفتت وخالط ( وما في مقره ) ومنه كما هو ظاهر القرب التي يدهن باطنها بالقطران وهي جديدة لإصلاح ما يوضع فيها بعد من الماء وإن كان من القطران المخالط ( وممره ) لو مصنوعا من نحو نورة وإن طبخت وكبريت وإن فحش التغير بذلك كله لتعذر صون الماء عنه ، ولو وضع من هذا المتغير على غيره ما غيره لم يضر على الأوجه ؛ لأنه طهور فهو كالمتغير بالملح المائي ، وكون التغير [ ص: 72 ] هنا إنما هو بما في الماء لا بد أنه لا ينظر إليه ؛ لأنه أمر مشكوك فيه بل يحتمل أن سببه لطافة الماء المنبث هو في أجزائه فقبله الماء الثاني وانبث فيه ولو نزل بنفسه لم يقبله فلم يكثر تغيره به لكثافته ومع الشك لا تسلب الطهورية المحققة ألا ترى أنه لو وقع بماء مجاور ومخالط ، وشككنا في المغير منهما لم يضر فكذا هنا ( وكذا ) لا يضر في الطهورية ( متغير بمجاور ) طاهر على أي حال كان ( كعود ودهن ) وإن طيبا وكحب وكتان وإن أغليا ما لم يعلم انفصال عين فيه مخالطة تسلب الاسم .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ولم يدق ) ظاهره وإن تفتت وخالط فيخالف ما مر عن الأذرعي ( قوله وما في مقره ) ينبغي أن يكون منه طونس الساقية للحاجة إليه فهو في معنى ما في المقر بل منه ( قوله لم يضر على الأوجه ) مشى جمع على أنه يضر وبه أفتى شيخنا الشهاب الرملي ويوجه بأنه إنما اغتفر تغيره بالنسبة له فإذا وضع على غيره وتغير لم يغتفر ، وكان تغير ذلك الغير به تغيرا بمخالط ؛ لأن هذا الماء المتغير بالنسبة لغيره مخالط لصدق حد المخالط عليه ، وإن كان تغيره بمجاور ( بقي هنا أمران ) الأول أن عبارة الشارح شاملة للمتغير بالمكث وبالمجاور فقضية ذلك أنه إذا صب على غيره فغير ضر عند شيخنا الشهاب الرملي وهو بعيد جدا في المتغير بالمكث بل والمجاور لكنه في شرح الإرشاد عبر بقوله ولو صب متغير بخليط لا يؤثر على غير متغير فغيره كثيرا ضر وإن كان كثيرا على ما ارتضاه جمع لسهولة الاحتراز عنه ، وإن كان طهورا لكن مشى آخرون على أنه لا يضر وهو الأقرب ألا ترى أنه لو وقع ذباب في مائع ولم يغيره فصب على مائع آخر ما يؤثر فيه كما هو ظاهر لطهارته المسببة عن مشقة الاحتراز ، فكذلك لا يضر هنا لطهوريته المسببة عن ذلك فصور المسألة بالمتغير بمخالط وأخرج المتغير بالمكث .

                                                                                                                              وكذا بالمجاور إلا أن يريد بالمخالط مطلق المختلط الشامل للمجاور ، وقد يفرق شيخنا الرملي في مسألة الذباب بأن من [ ص: 72 ] شأن الذباب الابتلاء بوقوعه فكان حكمه أخف الأمر الثاني أنه صور المسألة بما إذا كان المتغير واردا على غيره فهل عكسه كذلك أو يفرق بينهما فيه نظر والظاهر عدم الفرق ثم على فتوى شيخنا الشهاب الرملي قد يحتاج للفرق بين الضرر هنا وعدمه في طرح التراب والملح المائي إلا أن يفرق بأن الملح من جنس الماء ، والتغير بالتراب مجرد كدورة ( قوله فقبله الماء الثاني ) قد يقال حاصله أن التغير بما في الماء بواسطة الماء وذا لا يمنع الضرر ( قوله ما لم يعلم انفصال عين مخالطه ) فإن قلت هل يدل نقصه على انفصال العين المخالطة كما لو وزن بعد تغييره الماء فوجدناه ناقصا قلت لا لاحتماله أنه نقص بانفصال أجزاء مجاورة ولو لم تشاهد في الماء لاحتمال [ ص: 73 ] خروجها من الماء أو التصاقها ببعض جوانب المحل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولا متغير بمكث إلخ ) قال العمراني ولا تكره الطهارة به نهاية ومثله ما تغير بما لا يضر حيث لم يجر خلاف في سلبه الطهورية أما ما جرى في سلب الطهورية به خلاف كالمجاور والتراب إذا طرح فينبغي كراهته خروجا من خلاف من منع ع ش ( قوله ويرد بأن التفنن إلخ ) قد يقال التفنن إنما يتأتى إذا صح المعنى وفي صحته هنا نظر إلا أن يكون على حذف مضاف أي تغير متغير سم وتقدم [ ص: 71 ] جواب آخر عن المغني ( قوله بتثليث ميمه ) أي مع إسكان الكاف ، وفي المطلب لغة رابعة هي فتح الميم والكاف ، وعلى كل فهو مصدر مكث بفتح الكاف أو ضمها شيخنا قول المتن ( وطحلب ) ولا فرق بين أن يكون بمقر الماء أو ممره أو لا نهاية ( قوله بفتح لامه وضمها ) أي وضم الطاء ومغني زاد شيخنا أو كسرهما فلغاته ثلاث ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله نابت من الماء ) عبارة غيره شيء أخضر يعلو الماء من طول المكث ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولم يدق ) ظاهره وإن تفتت وخالط فيخالف ما مر عن الأذرعي سم عبارة شيخنا قضيته أنه لو أخذ ، ثم طرح صحيحا ، ثم تفتت بنفسه لم يضر ، وقياس ما تقدم عن ابن حجر في الأوراق المطروحة الضرر به وبه صرح ابن قاسم في شرحه على الكتاب ا هـ يعني مختصر أبي شجاع قول المتن ( وما في مقره ) ينبغي أن يكون منه طونس الساقية للحاجة إليه فهو في معنى ما في المقر بل منهسم ويأتي عن شيخنا والبجيرمي مثله بزيادة ( قوله وإن كان من القطران إلخ ) اعتمده ع ش خلافا للنهاية عبارته ، ويعلم مما تقرر أن الماء المتغير كثيرا بالقطران الذي تدهن به القرب إن تحققنا تغيره به ، وأنه مخالط فغير طهور ، وإن شككنا أو كان من مجاور فطهور سواء في ذلك الريح وغيره خلافا للزركشي ا هـ .

                                                                                                                              وقوله فغير طهور حمله المغني وكذا شيخنا كما يأتي على ما إذا كان القطران لغير إصلاح القرب ( قوله لإصلاح ما يوضع إلخ ) والمعروف في زمننا أن ذلك لإصلاح نفس القربة لا الماء ( قوله ولو مصنوعا إلخ ) أي بحيث صار يشبه الخلقي بخلاف الموضوع فيها أي نحو الأرض لا بتلك الحيثية فإن الماء يستغنى عنه نهاية وإيعاب قال شيخنا ، ويؤخذ منه أن ماء الفساقي والصهاريج ونحوهما المعمولة بالجير ونحوه طهور ، وأن ماء القرب التي تعمل بالقطران لإصلاحهما كذلك ولو كان مخالطا بخلاف ما إذا كان لإصلاح الماء وكان من المخالط ، ومن ذلك ما يقع كثيرا من وضع الماء في نحو جرة وضع فيها نحو لبن فتغير فلا يضر وينبغي أن يكون منه طونس الساقية وسلبة البئر للحاجة إليهما ا هـ زاد البجيرمي وليس من هذا الباب ما يقع من الأوساخ المنفصلة من أرجل الناس من غسلها في الفساقي خلافا لما وقع في حاشية شيخنا ع ش ، وإنما ذلك من باب ما لا يستغنى الماء عنه الممرية والمقرية كما أفتى به والد الشارح م ر في نظيره من الأوساخ التي تنفصل من أبدان المنغمسين في المغاطس رشيدي فعلم أن تغير الماء الموضوع في الأواني التي كان فيها الزيت ونحوه لا يضر .

                                                                                                                              وإنما الخلاف في أن التغير به تغير بما في المقر أو بما لا يستغنى عنه فعند ع ش تغير بما في المقر وعند الرشيدي تغير بما لا يستغنى الماء عنه كالقطران الذي في القرب ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لتعذر صون الماء عنه ) أي عما ذكر فلا يمنع التغير به إطلاق الاسم عليه ، وإن أشبه التغير به في الصورة التغير الكثير بمستغنى عنه محلى ومغني ( قوله على الأوجه ) خلافا للمغني والنهاية عبارتهما ولو صب المتغير بمخالط لا يضر على ماء لا تغير فيه فتغير به كثيرا ضر ؛ لأنه تغير بما يمكن الاحتراز عنه ، قاله ابن أبي الصيف وقال الإسنوي إنه متجه وعليه يقال لنا ماءان تصح الطهارة بكل منهما منفردا ولا تصح بهما مختلطين ا هـ .

                                                                                                                              عبارة سم قوله لم يضر على الأوجه [ ص: 72 ] مشى جمع على أنه يضر وبه أفتى شيخنا الشهاب الرملي ويوجه بأنه إنما اغتفر تغيره بالنسبة له فإذا وضع على غيره وتغير لم يغتفر بقي هنا أمران الأول أن عبارة الشارح شاملة للمتغير بالمكث وبالمجاور فقضية ذلك أنه إذا صب على غيره فغيره ضر عند شيخنا الرملي وهو بعيد جدا في المتغير بالمكث بل وبالمجاور لكنه في شرح الإرشاد عبر بقوله ولو صب متغير بخليط لا يؤثر على غير متغير فغيره كثيرا ضر انتهى فصور المسألة بالمتغير بالمخالط ، وأخرج المتغير بالمكث ، وكذا بالمجاور الأمر الثاني أنه صور المسألة بما إذا كان المتغير واردا على غيره فهل عكسه كذلك أو يفرق بينهما فيه نظر والظاهر

                                                                                                                              عدم الفرق ، ثم على فتوى شيخنا الشهاب الرملي قد يحتاج للفرق بين الضرر هنا وعدمه في طرح التراب والملح المائي إلا أن يفرق بأن الملح من جنس الماء ، والتغير بالتراب مجرد كدورة ا هـ بحذف وفي كلام شيخنا بعد تصوير المسألة بالمتغير بما في المقر أو الممر ، وترجيح كلام الرملي ما نصه .

                                                                                                                              وأما لو طرح غير المتغير على المتغير المذكور فلا يسلب الطهورية على الراجح ؛ لأنه إن لم يزده قوة لم يضعفه كما نقله بعضهم عن الشيخ البابلي خلافا لما نقله بعضهم عن ابن قاسم في حاشيته على ابن حجر ا هـ .

                                                                                                                              وفي البصري ما نصه يتردد النظر فيما لو أخرج شيء مما في المقر أو الممر من المخالطات ، ثم ألقي فيه ولم يحدث تغيرا غير ما كان ؛ لأنه من جنسه فهل يفرض الماء خليا من الأوصاف التي كان عليها قبل الطرح ، وينظر هل يغير أو لا محل تأمل ونظر ، ولعل الأقرب الأول ، ثم رأيت قول الشارح الآتي في شرح فإن غيره فنجس يؤيد ما ذكر ا هـ .

                                                                                                                              أقول وتصويرهم المسألة بصب المتغير بالمخالط على غير المتغير كالصريح في الثاني أي عدم ضرر صب المتغير على المتغير من جنسه ( قوله هنا ) أي في الوضع المذكور ( قوله لأنه ) أي التغير هنا ( قوله أن سببه ) أي تغير الماء الثاني ( لطاقة الماء ) أي الأول ( المنبث هو ) أي ما في الماء الأول وكذا ضمير فقبله وضمير ولو نزل ( قوله فقبله الماء الثاني ) قد يقال حاصل أن التغير بما في الماء بواسطة الماء وذا لا يمنع الضرر سم ( قوله ألا ترى أنه لو وقع بماء إلخ ) قد يقال إن كلا من الواقعين هنا يمكن نسبة التغيير إليهما فحصل الشك بخلافه فيما سبق فإن التغيير بما في الماء بلا ريب لا بالماء إذ لا أثر بصرافته في التغير ومن ثم لو فرض أن للماء في حد ذاته صفة تشاكل كل صفة ما هو معه كملوحة طعم أو صفرة لون أو نتن ريح وشك في تغير الثاني هل هو من الماء أو من مصاحبه أو منهما لاتجه القول بعدم سلب طهوريته للشك بصري ( قوله طاهر ) يأتي في المتن محترزه ( قوله على أي حال كان ) أي كثيرا كان التغير أو قليلا وسواء كان للمجاور جرم أو لا قول المتن ( كعود ) وكالعود ما لو صب على بدنه أو ثوبه ماء ورد ثم جف ، وبقيت رائحته في المحل فإذا أصابه ماء وتغيرت رائحته منه تغيرا كثيرا لم يسلب الطهورية ؛ لأن التغير والحالة ما ذكر تغير بمجاور أما لو صب على المحل وفيه ماء ينفصل واختلط بما صبه فيقدر مخالفا وسطا ع ش قول المتن ( ودهن ) من هذا القبيل الماء المتغير بالزيت ونحوه في قناديل الوقود كما نص عليه الشهاب البرلسي كردي ( قوله وإن طيبا ) ببناء المفعول من التطيب أي طيبا بغيرهما ، ويجوز كونه ببناء الفاعل أي طيبا غيرهما وفي القليوبي على الجلال قوله ولو مطيبين بفتح التحتية المشددة أولى من كسرها ؛ لأنه إذا لم يضر المصنوع فالخلقي أولى انتهى .

                                                                                                                              ومحله كما لا يخفى إذا طيب العود بطيب مجاور ، وإلا ضر كردي ( قوله ما لم يعلم انفصال عين إلخ ) فإن قلت هل يدل نقصه على انفصال العين المخالطة كما لو وزن بعد تغييره الماء فوجد ناقصا قلت لا لاحتمال أنه نقص بانفصال أجزاء مجاورة ولو لم تشاهد في الماء لاحتمال خروجها من الماء أو التصاقها ببعض جوانب المحل سم على حج ا هـ ع ش ( قوله تسلب الاسم ) أي اسم [ ص: 73 ] الماء بأن يقال له مرقة مثلا كردي .




                                                                                                                              الخدمات العلمية