الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وقوله :


أفاطم مهلا بعض هذا التدلل وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي     أغرك مني أن حبك قاتلي
وأنك مهما تأمري القلب يفعل



فالبيت الأول فيه ركاكة جدا ، وتأنيث ورقة ، ولكن فيها تخنيث !

ولعل قائلا أن يقول : إن كلام النساء بما يلائمهن من الطبع أوقع وأغزل ؟

وليس كذلك ؛ لأنك تجد الشعراء في الشعر المؤنث لم يعدلوا عن رصانة قولهم .

والمصراع الثاني منقطع عن الأول ، لا يلائمه ولا يوافقه . وهذا يبين لك إذا عرضت معه البيت الذي تقدمه .

وكيف ينكر عليها تدللها ، والمتغزل يطرب على دلال الحبيب وتدلله ؟

والبيت الثاني قد عيب عليه ، لأنه قد أخبر أن من سبيلها أن لا تغتر بما يريها من أن حبها يقتله ، وأنها تملك قلبه فما أمرته فعله ، والمحب إذا أخبر عن مثل هذا صدق .

[ ص: 169 ] وإن كان المعنى غير هذا الذي عيب عليه ، وإنما ذهب مذهبا آخر ، وهو : أنه أراد أن يظهر التجلد - فهذا خلاف ما أظهر من نفسه فيما تقدم من الأبيات ، من الحب والبكاء على الأحبة ، فقد دخل في وجه آخر من المناقضة والإحاطة في الكلام .

ثم قوله : " تأمري القلب يفعل " معناه تأمريني . والقلب لا يؤمر . والاستعارة في ذلك غير واقعة ولا حسنة .

* *

التالي السابق


الخدمات العلمية