الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              162 [ 89 ] وفي رواية : فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك ، فقال : الله أكبر! أشهد أني عبد الله ورسوله ، ثم أمر بلالا فنادى في الناس : إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر .

                                                                                              رواه أحمد ( 2 \ 309 - 310) ، والبخاري ( 4203 ) ، ومسلم ( 111 ) من حديث أبي هريرة .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله - عليه الصلاة والسلام - : " الله أكبر! أشهد أني عبد الله ورسوله ; عند وقوع ما أخبر به من الغيب ; دليل على أن ذلك من جملة معجزاته ، وإن لم يقترن بها في تلك الحال تحد قولي ; وهذا على خلاف ما يقوله المتكلمون : أن من شروط المعجزة اقتران التحدي القولي بها ، فإن لم تكن كذلك ، فالخارق كرامة لا معجزة ، والذي ينبغي أن يقال : إن ذلك لا يشترط ; بدليل أن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا كلما ظهر لهم خارق للعادة على يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ، استدلوا بذلك على صدقه وثبوت رسالته ، كما قد اتفق لعمر حين دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قليل الأزواد ، فكثرت فقال عند ذلك : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، وكقول [ ص: 320 ] أسامة بن زيد - رضي الله عنه - ، وبدليل الاتفاق على نبع الماء من بين أصابعه ، وتسبيح الحصى في كفه ، وحنين الجذع من أظهر معجزاته ، ولم يصدر عنه مع شيء من ذلك تحد بالقول عند وقوع تلك الخوارق ، ومع ذلك فهي معجزات . والذي ينبغي أن يقال : إن اقتران القول لا يلزم ، بل يكفي من ذلك قول كلي يتقدم الخوارق ; كقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : الدليل على صدقي ظهور الخوارق على يدي ; فإن كل ما يظهر على يديه منها بعد ذلك يكون دليلا على صدقه وإن لم يقترن بها واحدا واحدا قول . ويمكن أن يقال : إن قرينة حاله تدل على دوام التحدي ، فيتنزل ذلك منزلة اقتران القول ، والله أعلم .

                                                                                              و (قوله : " فنادى في الناس : إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ") أي : مؤمنة ; لأن الإسلام العري عن الإيمان لا ينفع صاحبه في الآخرة ، ولا يدخله الجنة ; وذلك بخلاف الإيمان : فإن مجرده يدخل صاحبه الجنة وإن عوقب بترك الأعمال على ما سنذكره إن شاء الله تعالى ; فدل هذا على أن هذا الرجل كان مرائيا منافقا ; كما تقدم .

                                                                                              ومما يدل على ذلك أيضا : قوله - عليه الصلاة والسلام - : إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ، وهو الكافر ; كما قال : ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا . ويؤيد : يقوي ويعضد . وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بلالا أن ينادي بذلك [ ص: 321 ] القول ، إنما كان تنبيها على وجوب الإخلاص في الجهاد وأعمال البر ، وتحذيرا من الرياء والنفاق .




                                                                                              الخدمات العلمية