الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              185 (42) باب

                                                                                              ما يهم به العبد من الحسنة والسيئة

                                                                                              [ 101 ] عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال الله تعالى : إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة ، فأنا أكتبها له حسنة ما لم يعمل ، فإذا عملها ، فأنا أكتبها بعشر أمثالها ، وإذا تحدث بأن يعمل سيئة ، فأنا أغفرها له ما لم يعملها ، فإذا عملها ، فأنا أكتبها له بمثلها .

                                                                                              وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قالت الملائكة : رب ، ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة ؟ - وهو أبصر به - فقال : ارقبوه ; فإن عملها فاكتبوها له بمثلها ، وإن تركها فاكتبوها له حسنة ، إنما تركها من جراي .

                                                                                              وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا أحسن أحدكم إسلامه ، فكل حسنة يعملها تكتب بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، وكل سيئة يعملها تكتب بمثلها حتى يلقى الله عز وجل
                                                                                              .

                                                                                              وفي رواية : إذا هم مكان إذا تحدث .

                                                                                              رواه أحمد ( 2 \ 315 ) ، ومسلم ( 129 ) .

                                                                                              [ ص: 342 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 342 ] (42) ومن باب ما يهم به العبد من الحسنة والسيئة

                                                                                              (قوله : " قالت الملائكة : رب ، ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة - وهو أبصر - ") قال الطبري : فيه دليل على أن الحفظة تكتب أعمال القلوب ; خلافا لمن قال : إنها لا تكتب إلا الأعمال الظاهرة .

                                                                                              و (قوله : " إنما تركها من جراي ") أي : من أجلي ، وفيه لغتان : المد والقصر ; ومنه الحديث : إن امرأة دخلت النار من جراء هرة ، أي : من أجل ، وهي مشددة الراء في اللغتين ، وقد خففت معهما . ومقصود هذا اللفظ : أن الترك للسيئة لا يكتب حسنة ، إلا إذا كان خوفا من الله تعالى ، أو حياء من الله ، وأيهما كان ، [ ص: 343 ] فذلك الترك هو التوبة من ذلك الذنب . وإذا كان كذلك ، فالتوبة عبادة من العبادات ; إذا حصلت بشروطها ، أذهبت السيئات ، وأعقبت الحسنات .

                                                                                              وقوله تعالى : إنما تركها من جراي . إخبار منه تعالى للملائكة بما لم يعلموا من إخلاص العبد في الترك ، ومن هنا قيل : إن الملائكة لا تطلع على إخلاص العبد . وقد دل عليه قوله - عليه الصلاة والسلام - في حديث حذيفة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد سأله عن الإخلاص ما هو ؟ فقال : " قال الله عز وجل : هو سر من سري ، استودعته قلب من أحببت من عبادي " والحديث الآخر الذي يقول الله فيه للملائكة التي تكتب الأعمال حين تعرضها عليه : ضعوا هذا واقبلوا هذا ، فتقول الملائكة : وعزتك ما رأينا إلا خيرا ، فيقول الله : إن هذا كان لغيري ، ولا أقبل من العمل إلا ما ابتغي به وجهي .




                                                                                              الخدمات العلمية