الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            والعقب بكسر القاف أيضا وبسكونها للتخفيف الولد وولد الولد وليس له عاقبة أي ليس له نسل وكل شيء جاء بعد شيء فقد عاقبه وعقبه تعقيبا وعاقبة كل شيء آخره وقولهم جاء في عقبه بكسر القاف وبسكونها للتخفيف أيضا أصل الكلمة جاء زيد يطأ عقب عمرو والمعنى كلما رفع عمرو قدما وضع زيد قدمه مكانها ثم كثر حتى قيل جاء عقبه ثم كثر حتى استعمل بمعنيين وفيهما معنى الظرفية أحدهما المتابعة والموالاة فإذا قيل جاء في عقبه فالمعنى في أثره وحكى ابن السكيت بنو فلان تسقى إبلهم عقب بني فلان أي بعدهم قال ابن فارس فرس ذو عقب أي جري بعد جري وذكر تصاريف الكلمة ثم قال والباب كله يرجع إلى أصل واحد وهو [ ص: 420 ] أن يجيء الشيء بعقب الشيء أي متأخرا عنه وقال في متخير الألفاظ صلينا أعقاب الفريضة تطوعا أي بعدها وقال الفارابي جئت في عقب الشهر إذا جئت بعد ما يمضي هذا لفظه وقال الأزهري .

                                                            وفي حديث عمر أنه سافر في عقب رمضان أي في آخره وقال الأصمعي فرس ذو عقب أي جري بعد جري ومن العرب من يسكن تخفيفا وقال عبيد

                                                            إلا لأعلم ما جهلت بعقبهم

                                                            أي أخرت لأعلم آخر أمرهم وقيل ما جهلت بعدهم وسافرت وخلف فلان بعقبي أي أقام بعدي وعقبت زيدا عقبا من باب قتل وعقوبا جئت بعده ومنه سمي رسول الله صلى الله عليه وسلم العاقب لأنه عقب من كان قبله من الأنبياء أي جاء بعدهم ورجع فلان على عقبه أي على طريق عقبه وهي التي كانت خلفه وجاء منها سريعا والمعنى الثاني إدراك جزء من المذكور معه يقال جاء في عقب رمضان إذا جاء وقد بقي منه بقية ويقال إذا برئ المريض وبقي شيء من المرض هو في عقب المرض وأما عقيب مثال كريم فاسم فاعل من قولهم عاقبه معاقبة وعقبه تعقيبا فهو معاقب ومعقب وعقيب إذا جاء بعده .

                                                            وقال الأزهري : أيضا والليل والنهار يتعاقبان كل واحد منهما عقيب صاحبه والسلام يعقب التشهد أي يتلوه فهو عقيب له والعدة تعقب الطلاق أي تتلوه وتتبعه فهي عقيب له أيضا فقول الفقهاء يفعل ذلك عقيب الصلاة ونحوه بالياء لا وجه له إلا على تقدير محذوف والمعنى في وقت عقيب وقت الصلاة فيكون عقيب صفة وقت ثم حذف من الكلام حتى صار عقيب الصلاة وقولهم أيضا يصح الشراء إذا استعقب عتقا لم أجد لهذا ذكرا إلا ما حكي في التهذيب استعقب فلان من كذا خيرا ومعناه وجد بذلك خيرا بعده وكلام الفقهاء لا يطابق هذا إلا بتأويل بعيد فالوجه أن يقال إذا عقبه العتق أي تلاه .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية