الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                27 ( وأخبرنا ) أبو محمد جناح بن نذير بن جناح المحاربي بالكوفة ، أنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم ، نا أحمد بن حازم بن أبي غرزة ، أنا أبو غسان ، أنا قيس هو ابن الربيع ، أنا أبو فزارة العبسي ، عن أبي زيد ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني قد أمرت أن أقرأ على إخوانكم من الجن ، ليقم معي رجل منكم ، ولا يقم معي رجل في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر . قال : فقمت معه ، ومعي إداوة من ماء - كذا قال - حتى إذا برزنا ، خط حولي خطة ، ثم قال : لا تخرجن منها فإنك إن خرجت منها لم ترني ولم أرك إلى يوم القيامة ، قال : ثم انطلق حتى توارى عني ، قال : فثبت قائما ، حتى إذا طلع الفجر أقبل ، قال : ما لي أراك قائما ؟ قال : قلت : ما قعدت خشية أن أخرج منها ، قال : أما إنك لو خرجت منها لم ترني ولم أرك إلى يوم القيامة ، [ ص: 10 ] هل معك من وضوء ؟ قلت : لا ، قال : فماذا في الإداوة ؟ قلت : نبيذ ، قال : تمرة حلوة وماء طيب ، ثم توضأ وأقام الصلاة ، فلما أن قضى الصلاة قام إليه رجلان من الجن ، فسألاه المتاع ، فقال : أولم آمر لكما ولقومكما ما يصلحكما ؟ ، قال : بلى ، ولكنا أحببنا أن يحضر بعضنا معك الصلاة ، قال : ممن أنتما ؟ قال : من أهل نصيبين ، فقال : قد أفلح هذان وأفلح قومهما ، وأمر لهما بالعظام والرجيع طعاما وعلفا ، ونهانا أن نستنجي بعظم أو روث .

                                                                                                                                                وأنبأ أبو سعد أحمد بن محمد الماليني ، ثنا أبو أحمد بن عدي الحافظ ، قال : سمعت محمد بن أحمد بن حماد يقول : قال محمد بن إسماعيل البخاري - رحمه الله - : أبو زيد الذي روى حديث ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : تمرة طيبة وماء طهور ؛ رجل مجهول لا يعرف بصحبة عبد الله .

                                                                                                                                                وروى علقمة ، عن عبد الله أنه قال : لم أكن ليلة الجن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وروى شعبة ، عن عمرو بن مرة ، قال : سألت أبا عبيدة ، أكان عبد الله مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن ؟ قال : لا .

                                                                                                                                                وأخبرنا أبو سعد الماليني ، قال : قال أبو أحمد بن عدي : هذا الحديث مداره على أبي فزارة ، عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث ، عن ابن مسعود ، وأبو فزارة مشهور ، واسمه راشد بن كيسان ، وأبو زيد مولى عمرو بن حريث مجهول ، ولا يصح هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو خلاف القرآن .

                                                                                                                                                ( قال الشيخ ) أحمد - رحمه الله تعالى - : وقد روي هذا الحديث ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن أبي رافع ، عن ابن مسعود ، وعن أبي سلام ، عن فلان بن غيلان الثقفي ، عن ابن مسعود ، وعن ابن لهيعة ، عن قيس بن الحجاج ، عن حنش ، عن ابن عباس ، عن ابن مسعود ، ورواه محمد بن عيسى بن حبان ، عن الحسن بن قتيبة ، بإسناد له إلى ابن مسعود ، ورواه الحسين بن عبيد الله العجلي بإسناد له ، عن ابن مسعود ، ولا يصح شيء من ذلك .

                                                                                                                                                أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه ، قال : قال أبو الحسن الدارقطني الحافظ في تضعيف هذه الأسانيد : علي بن زيد ضعيف ، وليس هذا الحديث من مصنفات حماد بن سلمة ، والرجل الثقفي الذي رواه عن ابن مسعود مجهول ، قيل اسمه عمرو ، وقيل : عبد الله بن عمرو بن غيلان ، وابن لهيعة ضعيف الحديث لا يحتج بحديثه ، والحسن بن قتيبة ، ومحمد بن عيسى ضعيفان ، والحسين بن عبيد الله العجلي هذا يضع الحديث على الثقات .

                                                                                                                                                ( قال الشيخ ) : وقد أنكر ابن مسعود شهوده مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن في رواية علقمة [ ص: 11 ] عنه ، وأنكره ابنه ، وأنكره إبراهيم النخعي .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية