الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                2057 حدثني محمد بن المثنى حدثنا سالم بن نوح العطار عن الجريري عن أبي عثمان عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال نزل علينا أضياف لنا قال وكان أبي يتحدث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل قال فانطلق وقال يا عبد الرحمن افرغ من أضيافك قال فلما أمسيت جئنا بقراهم قال فأبوا فقالوا حتى يجيء أبو منزلنا فيطعم معنا قال فقلت لهم إنه رجل حديد وإنكم إن لم تفعلوا خفت أن يصيبني منه أذى قال فأبوا فلما جاء لم يبدأ بشيء أول منهم فقال أفرغتم من أضيافكم قال قالوا لا والله ما فرغنا قال ألم آمر عبد الرحمن قال وتنحيت عنه فقال يا عبد الرحمن قال فتنحيت قال فقال يا غنثر أقسمت عليك إن كنت تسمع صوتي إلا جئت قال فجئت فقلت والله ما لي ذنب هؤلاء أضيافك فسلهم قد أتيتهم بقراهم فأبوا أن يطعموا حتى تجيء قال فقال ما لكم أن لا تقبلوا عنا قراكم قال فقال أبو بكر فوالله لا أطعمه الليلة قال فقالوا فوالله لا نطعمه حتى تطعمه قال فما رأيت كالشر كالليلة قط ويلكم ما لكم أن لا تقبلوا عنا قراكم قال ثم قال أما الأولى فمن الشيطان هلموا قراكم قال فجيء بالطعام فسمى فأكل وأكلوا قال فلما أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله بروا وحنثت قال فأخبره فقال بل أنت أبرهم وأخيرهم قال ولم تبلغني كفارة

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( افرغ من أضيافك ) أي عشهم وقم بحقهم .

                                                                                                                قوله : ( جئناهم بقراهم ) هو بكسر القاف مقصور ، وما هو يصنع للضيف من مأكول ومشروب .

                                                                                                                قوله : ( حتى يجيء أبو منزلنا ) أي صاحبه .

                                                                                                                قوله : ( إنه رجل حديد ) أي فيه قوة وصلابة ، ويغضب لانتهاك الحرمات والتقصير في حق ضيفه ونحو ذلك .

                                                                                                                قوله : ( ما لكم ألا تقبلوا منا قراكم ) قال القاضي عياض : قوله ( ألا ) هو بتخفيف اللام على التحضيض واستفتاح الكلام ، هكذا رواه الجمهور . قال : ورواه بعضهم بالتشديد ، ومعناه ما لكم لا تقبلوا قراكم ؟ وأي شيء منعكم ذلك وأحوجكم إلى تركه ؟ .

                                                                                                                قوله : ( أما الأولى فمن الشيطان ) يعني يمينه . قال القاضي : وقيل : معناه اللقمة الأولى فلقمع الشيطان وإرغامه ومخالفته في مراده باليمين ، وهو إيقاع الوحشة بينه وبين أضيافه ، فأخزاه أبو بكر بالحنث الذي هو خير .

                                                                                                                [ ص: 218 ] قوله : ( قال أبو بكر : يا رسول الله بروا وحنثت ، فقال : بل أنت أبرهم وأخيرهم قال : ولم تبلغني كفارة ) معناه بروا في أيمانهم ، وحنثت في يميني ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( بل أنت أبرهم ، أي : أكثرهم طاعة ، وخير منهم لأنك حنثت في يمينك حنثا مندوبا إليه محثوثا عليه ، فأنت أفضل منهم .

                                                                                                                قوله : ( وأخيرهم ) هكذا هو في جميع النسخ ( وأخيرهم ) بالألف ، وهي لغة سبق بيانها مرات .

                                                                                                                وأما قوله : ( ولم تبلغني كفارة ) يعني لم يبلغني أنه كفر قبل الحنث . فأما وجوب الكفارة فلا خلاف فيه لقوله صلى الله عليه وسلم : من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه وهذا نص في عين المسألة ، مع عموم قوله تعالى : ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام إلخ .




                                                                                                                الخدمات العلمية