الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                2071 وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وزهير بن حرب واللفظ لزهير قال أبو كريب أخبرنا وقال الآخران حدثنا وكيع عن مسعر عن أبي عون الثقفي عن أبي صالح الحنفي عن علي أن أكيدر دومة أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثوب حرير فأعطاه عليا فقال شققه خمرا بين الفواطم وقال أبو بكر وأبو كريب بين النسوة

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( أن أكيدر دومة ) هي بضم الدال وفتحها لغتان مشهورتان ، وزعم ابن دريد أنه لا يجوز إلا الضم ، وأن المحدثين يفتحونها ، وأنهم غالطون في ذلك ، وليس كما قال ، بل هما لغتان مشهورتان . قال الجوهري : أهل الحديث يقولونها بالضم ، وأهل اللغة يفتحونها . ويقال لها أيضا ( دوما ) وهي مدينة لها حصن عادي ، وهي في برية في أرض نخل وزرع ، يسقون بالنواضح ، وحولها عيون قليلة ، وغالب زرعهم الشعير ، وهي عن المدينة على نحو ثلاث عشرة مرحلة ، وعن دمشق على نحو عشر مراحل ، وعن الكوفة على قدر عشر مراحل أيضا . والله أعلم .

                                                                                                                وأما ( أكيدر ) فهو بضم الهمزة وفتح الكاف ، وهو أكيدر بن عبد الملك الكندي . قال الخطيب البغدادي في كتابه " المبهمات " : كان نصرانيا ، ثم أسلم . قال : وقيل : بل مات نصرانيا . وقال ابن منده ، وأبو نعيم الأصبهاني في كتابيهما في معرفة الصحابة : إن أكيدرا هذا أسلم ، وأهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة سيراء . قال ابن الأثير في كتابه " معرفة الصحابة " : أما الهدية والمصالحة فصحيحان ، وأما الإسلام فغلط . قال : لأنه لم يسلم بلا خلاف بين أهل السير ، ومن قال أسلم فقد أخطأ خطأ فاحشا . قال : وكان أكيدر نصرانيا ، فلما صالحه النبي صلى الله عليه وسلم عاد إلى حصنه ، وبقي فيه ، ثم حاصره خالد بن الوليد في زمان أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، فقتله مشركا نصرانيا ، يعني لنقضه العهد قال : وذكر البلاذري أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعاد إلى ( دومة ) فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتد أكيدر ، فلما سار خالد من العراق إلى الشام قتله ، وعلى هذا لا ينبغي أيضا عده في الصحابة . هذا كلام ابن الأثير .

                                                                                                                قوله : ( إن أكيدر دومة أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم ثوب حرير ، فأعطاه عليا ، فقال : شققه خمرا بين الفواطم ) أما الخمر فسبق أنه بضم الميم جمع خمار ، وأما الفواطم فقال الهروي والأزهري والجمهور : إنهن ثلاث : فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفاطمة بنت أسد ، وهي أم علي بن أبي طالب ، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي ، وفاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب . وذكر الحافظان عبد الغني بن سعيد ، وابن عبد البر بإسنادهما أن عليا رضي الله عنه قسمه بين الفواطم الأربع ، فذكر هؤلاء الثلاث . قال القاضي عياض : يشبه أن تكون الرابعة فاطمة بنت شيبة بن ربيعة امرأة عقيل بن أبي طالب [ ص: 243 ] لاختصاصها بعلي رضي الله عنه بالمصاهرة ، وقربها إليه بالمناسبة ، وهي من المبايعات ، شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حنينا ، ولها قصة مشهورة في الغنائم تدل على ورعها . والله أعلم .

                                                                                                                قال القاضي : هذه المذكورات فاطمة بنت أسد أم علي كانت منهن ، وهو مصحح لهجرتها كما قاله غير واحد ، خلافا لمن زعم أنها ماتت قبل الهجرة . وفي هذا الحديث جواز قبول هدية الكافر ، وقد سبق الجمع بين الأحاديث المختلفة في هذا وفيه جواز هدية الحرير إلى الرجال وقبولهم إياه ، وجواز لباس النساء له .




                                                                                                                الخدمات العلمية