الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      معلومات الكتاب

      الاجتهاد المقاصدي (حجيته .. ضوابطه .. مجالاته) [الجزء الثاني]

      الدكتور / نور الدين بن مختار الخادمي

      الباب الثالث الاجتهاد المقاصدي في العصر الحالي

      الفصل الأول المشكلات المعاصرة في ضوء الاجتهاد المقاصدي

      نبين في هذا الفصل عرضا مختصرا لطائفة مهمة من المشكلات والوقائع التي طرأت على مسيرة الحياة الإنسانية ومجال الاجتهاد الفقهي، والتي لم يكن لها سابق تنصيص أو إجماع على أحكامها، وقد تصدى لها العلماء والمجتهدون بإبداء آرائهم ومواقفهم وفتاواهم، سواء على صعيد جماعي ومنظم، على غرار ما هو واقع في المجامع والمؤسسات والهيئات والجامعات الشرعية، أو على صعيد الكتاب والفقهاء والعلماء والخبراء فيما يبدونه من بيانات ومجادلات وتعليقات تسهم في نهاية الأمر في تكوين رأي شرعي، وتحديد حكم فقهي يكون صوابا أو قريبا من الصواب، ومن المراد الإلهي والمقصود الشرعي.

      وعلى الرغم من أن المقاصد الشرعية كانت الإطار العام والمسلك الشمولي لبيان أحكام تلك المشكلات والنوازل، إلا أنها لم تكن لتبرر [ ص: 113 ] القول باستقلالها عن النصوص والأدلة الشرعية، أو لجعلها مصدرا يضاهي الوحي الكريم والإجماع المبارك [1] وكل ما في الأمر أن المقاصد التي تحددت في ضوئها أحكام تلك المشكلات، إنما هي معان ومدلولات شرعية مستخلصة من الأدلة والنصوص والقرائن الشرعية الدينية، ومندرجة ضمن الضوابط والقواعد والقواطع الإسلامية المعلومة، فكأن معالجة تلك المشكلات قد تمت بما أوصل إلى تقرير تلك المقاصد من نصوص وأدلة وقرائن .. ولكن وبموجب تناهي النصوص ومحدوديتها في مقابل ضخامة الأقضية والحوادث، تأكد الاجتهاد فيما يستجد على وفق المقاصد وفي ضوء النصوص والأدلة.

      ومما يجدر التذكير به أن عرض هذه المشكلات والوقائع ليس بالأمر الجديد، إذ ليس فيه من الإضافة سوى الترتيب والتبسيط والتوضيح، وإبراز الناحية المقاصدية والجانب المصلحي لها تمشيا مع طبيعة هذا البحث ومتطلباته، وقد كان لمن تصدى لهذه المشكلات - أفرادا أو مؤسسات - فضل البحث والدراسة والتكييف الفقهي ومناقشة الأقوال والأدلة والترجيح بينها، واستخلاص ما ينبغي استخلاصه من أحكام ومواقف شرعية فقهية.

      وقد التزمت بطابع الاختصار والتنوع والأمانة، فأبرزت المشكلة [ ص: 114 ] بإيجاز وأوردت حكمها وذكرت الخلاف حيالها غالبا، وركزت على إبراز ما تضمنته من مصالح ومنافع جلبا وتحصيلا، ومفاسد وأضرار درءا وإبعادا.

      وتلك المشكلات وغيرها مبسوطة في مظانها من الكتب المعاصرة والدراسات الجامعية والبحوث والقرارات المجمعية، وهي مفيدة جدا ومهمة في بيان طبائعها وجوهرها ومتعلقاتها الفقهية والمقاصدية والواقعية، وغير ذلك مما يبرهن قطعا ويقينا على صلاحية الشريعة وفاعلية الاجتهاد، ودور العلماء في بيان أحكام الله تعالى وتثبيتها في الوجود والحياة في مختلف النوازل والوقائع والمستجدات.

      ويمكن أن نوزع تلك المشكلات إلى ثلاثة مجالات: المجال التعبدي، والمجال الطبي، والمجال المالي.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية