الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              777 [ 399 ] وعن عون بن أبي جحيفة عن أبيه ، قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة وهو بالأبطح في قبة له حمراء من أدم . قال : فخرج بلال بوضوئه ، فمن نائل وناضح . قال : فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه حلة حمراء ، كأني أنظر إلى بياض ساقيه . قال : فتوضأ . وأذن بلال . قال : فجعلت أتتبع فاه ها هنا وها هنا ، يقول يمينا وشمالا . يقول : حي على الصلاة ، حي على الفلاح . قال : ثم ركزت له عنزة ، فتقدم فصلى الظهر ركعتين ، يمر بين يديه الحمار والكلب ، لا يمنع . ثم صلى العصر ركعتين ، ثم لم يزل يصلي ركعتين ، حتى رجع إلى المدينة .

                                                                                              وفي رواية : فرأيت الناس يبتدرون ذلك الوضوء ، فمن أصاب منه شيئا تمسح به ، ومن لم يصب منه أخذ من بلل يد صاحبه . ثم رأيت بلالا أخرج عنزة فركزها ، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حلة حمراء مشمرا فصلى إلى العنزة بالناس ركعتين ، ورأيت الناس والدواب يمرون بين يدي العنزة .

                                                                                              رواه أحمد (4 \ 308)، والبخاري (634)، ومسلم (503) (249 و 250)، والترمذي (197)، والنسائي (2 \ 73) .

                                                                                              [ ص: 102 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 102 ] وقوله في حديث أبي جحيفة : بالأبطح ; هو موضع خارج مكة ، قريبا منها . والأدم : الجلد . والوضوء - بالفتح - : الماء الذي يتوضأ به ، وبالضم : الفعل . وقد قيل . هما لغتان فيهما . والنائل : الآخذ ، والناضح : المتمسح بالماء ; كما قال في الرواية الأخرى مفسرا به .

                                                                                              وقوله : فجعلت أتتبع فاه يمينا وشمالا ; يقول : حي على الصلاة ، حي على الفلاح ; حجة على جواز استدارة المؤذن للإسماع ، كما هو مذهب مالك . غير أن الشافعي - رحمه الله - يمنع من الاستدارة بجميع جسده ، واختار ملازمة المؤذن القبلة ، فإن استدار ، فبوجهه كما جاء في ظاهر هذا الحديث . والعنزة : الحربة . والحلة : كل ثوبين لم يكونا لفقين ; كقميص ورداء ، أو إزار ورداء .

                                                                                              [ ص: 103 ] وقوله : بين يديه ; يفسره ما جاء في الرواية الأخرى : بين يدي العنزة ; يريد : أمامها . وفي رواية : يمر من ورائها المرأة والحمار ، لا يمنع ; يعني : أمامها . ووراء من الأضداد ; كما قال تعالى : وكان وراءهم ملك [ الكهف : 79] ; أي : أمامهم . واختلف هل سترة الإمام نفسها سترة لمن خلفه ؟ أو هي سترة له خاصة ، والإمام سترتهم ؟ وسيأتي الكلام على ما يقطع الصلاة . والأتان في حديث ابن عباس : أنثى الحمر ، ويقال : حمار على الذكر والأنثى ; كما يقال : فرس على الذكر والأنثى .




                                                                                              الخدمات العلمية