الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5535 5873 - حدثني محمد بن سلام، أخبرنا عبد الله بن نمير، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: اتخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتما من ورق، وكان في يده، ثم كان بعد في يد أبي بكر، ثم كان بعد في يد عمر، ثم كان بعد في يد عثمان، حتى وقع بعد في بئر أريس، نقشه: محمد رسول الله. [انظر: 5865 - مسلم: 2091 - فتح: 10 \ 323]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أنس - رضي الله عنه - أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يكتب إلى رهط - أو أناس - من الأعاجم، فقيل له: إنهم لا يقبلون كتابا إلا عليه خاتم، فاتخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتما من فضة نقشه: محمد رسول الله، فكأني أنظر إلى بريق - أو بصيص - الخاتم في إصبع النبي - صلى الله عليه وسلم - أو: في كفه.

                                                                                                                                                                                                                              وحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - : اتخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتما من ورق، كان في يده، ثم كان في يد أبي بكر، ثم كان بعد في يد عمر، ثم كان بعد في عثمان، حتى وقع في بئر أريس، نقشه: محمد رسول الله.

                                                                                                                                                                                                                              قد سلف قريبا الكلام على النقش.

                                                                                                                                                                                                                              وفي "الأوسط" للطبراني من حديث ابن عمر: كان خاتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يد عثمان ست سنين، فلما كثر عليه الكتب دفعه إلى رجل من

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 82 ] الأنصار (فأبى، فلبسه) عثمان، فسقط منه فلم يوجد، فاتخذ عثمان خاتما من ورق ونقشه محمد رسول الله
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وبان بما ذكرناه أن الخاتم إنما اتخذ ليطبع به على الكتب حفظا للأسرار أن تنشر وسياسة للتدبير أن تنخرم.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: أنه لا بأس على الخاتم ذكر الله، وقد كره ذلك ابن سيرين وغيره .

                                                                                                                                                                                                                              وهذا الباب حجة عليه، وقد أجاز ابن المسيب أن يلبسه ويستنجي به . وقيل لمالك: إن كان في الخاتم ذكر الله أو يلبسه في الشمال أيستنجي به؟ قال: أرجو أن يكون خفيفا .

                                                                                                                                                                                                                              هذه رواية ابن القاسم، وحكى ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون أنه لا يجوز ذلك وليخلعه ويجعله في يمينه.

                                                                                                                                                                                                                              وهو قول ابن نافع وأكثر أصحاب مالك من غير "الواضحة".

                                                                                                                                                                                                                              فرع:

                                                                                                                                                                                                                              قال مالك: لا خير أن يكون نقش فصه تمثالا.

                                                                                                                                                                                                                              وقد ذكر عبد الرزاق آثارا بجواز اتخاذ التماثيل في الخواتيم ليست بصحيحة، منها ما رواه معمر عن محمد بن عبد الله بن عقيل أنه أخرج خاتما فيه تمثال أسد، وزعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتختم به .

                                                                                                                                                                                                                              وما رواه معمر عن الجعفي أن نقش خاتم ابن مسعود إما شجرة

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 83 ] وإما شيء بين ذبابين ، وابن عقيل تركه مالك ، والجعفي متروك.

                                                                                                                                                                                                                              وروى معمر، عن قتادة، عن أنس وأبي موسى الأشعري أنه كان نقش خاتمه كركي له رأسان .

                                                                                                                                                                                                                              وهذا إن كان صحيحا فلا حجة فيه لترك الناس العمل به ولنهيه - عليه السلام - عن الصور، ولا يجوز مخالفة النهي.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              ومن تراجمه على حديث أنس - رضي الله عنه - : باب: اتخاذ الخاتم ليختم به الشيء أو ليكتب به إلى أهل الكتاب وغيرهم .

                                                                                                                                                                                                                              فائدة:

                                                                                                                                                                                                                              روي عن علي - رضي الله عنه - أنه كان له أربعة خواتيم يتختم بها ياقوت لقلبه، نقشه: لا إله إلا الله الملك الحق المبين; وفيروزج لبصره، ونقشه: الله الملك; من حديد صيني لقوته نقشه: العزة لله (جميعا) ; وعقيق لحرزه نقشه: ما شاء الله لا قوة إلا بالله.

                                                                                                                                                                                                                              حديث مختلق، رواته مأمونون سوى أبي جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازي ، فلا أعرف عدالته فكأنه هو واضعه.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية