الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      العلاقة الخامسة : الكلية : وهي إطلاق اسم الكل على الجزء كقوله تعالى : { جعلوا أصابعهم في آذانهم } أي ، أناملهم ; لأن العادة أن الإنسان لا يضع أصبعه في أذنه ، وقوله : { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة } أي أعين ; لأن النظر بالعين لا بالوجه ، وجعل منه ابن جني قولك : ما فعل زيد ؟ فيقال القيام ، والقيام إنما هو جنس [ ص: 75 ] يتناول جميع أنواعه . قال ابن دقيق العيد : فيه نظر ; لأن العلماء قالوا : إن القيام دال على المصدر فلا يدل بمطلقه على أنواع القيام ، بل يدل على الحقيقة لا غير . وهاهنا بحث ، وهو أنه أن مراده بالألف واللام التي في القيام الاستغراق فلا مشاحة له في ذلك ; لأن الكل غير مراد قطعا ، وإن أراد بالألف واللام تعريف المصدر ، فهذا موضع النقد عليه ; لأن المصدر لا يدل إلا على قيام ما ، ولا يقال فيه : إنه بعض القيام ولا كله ، فلا يستقيم له ما أراد من إدخاله في باب المجاز ، وعلى هذا فلا يكون قوله : القيام أريد به المجاز بل الحقيقة ، وهذا النوع يقال له : إطلاق العام وإرادة الخاص ، وشواهده كثيرة . وعند فخر الإسلام من الحنفية أنه حقيقة ، وتسمى قاصرة بناء على أنه في المجاز يجب استعمال اللفظ في غير ما وضع له ، والجزء ليس غير الكل ، كما أنه ليس عينه ; لأن الغيرين موجودان يجوز وجود كل منهما بدون الآخر ، ويمتنع وجود الكل بدون الجزء ، فلا يكون غيره ، فعنده اللفظ إن استعمل في غير ما وضع له أي : في معنى خارج عما وضع له فمجاز ، وإلا فإن استعمل في عينه فحقيقة ، وإلا فحقيقة قاصرة .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية