الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويجوز التيمم عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله بكل ما كان من جنس الأرض كالتراب والرمل والحجر والجص والنورة والكحل والزرنيخ . وقال أبو يوسف : لا يجوز إلا [ ص: 128 ] بالتراب والرمل ) وقال الشافعي رحمه الله : لا يجوز إلا بالتراب المنبت وهو رواية عن أبي يوسف رحمه الله لقوله تعالى { فتيمموا صعيدا طيبا } أي ترابا منبتا ، قاله ابن عباس رضي الله عنه ، غير أن أبا يوسف زاد عليه الرمل بالحديث الذي رويناه . ولهما أن الصعيد اسم لوجه الأرض سمي به لصعوده ، والطيب يحتمل الطاهر فحمل عليه لأنه أليق بموضع الطهارة [ ص: 129 ] أو هو مراد الإجماع ( ثم لا يشترط أن يكون عليه غبار عند أبي حنيفة رحمه الله ) لإطلاق ما تلونا ( وكذا يجوز بالغبار مع القدرة على الصعيد عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ) لأنه تراب رقيق .

التالي السابق


( قوله ويجوز التيمم إلخ ) قيل ما كان بحيث إذا حرق لا ينطبع ولا يترمد : أي لا يصير رمادا فهو من أجزاء الأرض فخرجت الأشجار والزجاج المتخذ من الرمل وغيره والماء المتجمد والمعادن إلا أن تكون في محالها فيجوز للتراب [ ص: 128 ] الذي عليها لا بها نفسها ، ودخل الحجر والجص والنورة والكحل والزرنيخ والمغرة والكبريت والملح الجبلي لا المائي والسبخة والأرض المحرقة في الأصح والفيروزج والعقيق والبلخش والياقوت والزمرد والزبرجد لا المرجان واللؤلؤ لأن أصله ماء ، وكذا المصنوع منها كالكيزان والجفان والزبادي إلا أن تكون مطلية بالدهان ، والآجر المشوي على الصحيح إلا إن خلط به ما ليس من الأرض ، كذا أطلق فيما رأيت مع أن المسطور في فتاوى قاضي خان التراب إذا خالطه ما ليس من أجزاء الأرض تعتبر فيه الغلبة ، وهذا يقتضي أن يفصل في المخالط للبن بخلاف المشوي لاحتراق ما فيه مما ليس من أجزاء الأرض ( قوله غير أن أبا يوسف زاد عليه الرمل ) جعل هذا في المبسوط قولا لأبي يوسف مرجوعا عنه وأن قرار مذهبه تعين التراب .

( قوله ولهما أن الصعيد اسم لوجه الأرض ) لصعوده فهو فعيل بمعنى فاعل ، وإذا كان هذا مفهومه وجب تعميمه وأن تفسير ابن عباس إياه بالتراب تفسير بالأغلب ، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين { وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا } وأما رواية { وتربتها طهورا } فتوهم أنه مخصص خطأ لأنه إفراد فرد من العام لأنه ربط حكم العام نفسه ببعض أفراده ، والتخصيص إفراد الفرد من حكم العام فليس بمخصص على المختار . وأما قوله والطيب يحتمل الطاهر فحمل عليه ففيه أن مجرد كون اللفظ يحتمل معنى لا يوجب حمله عليه ، فالمعول عليه كون الطيب مرادا به الطاهر بالإجماع فكان الإجماع دليل إرادة هذا [ ص: 129 ] المحتمل ، وعلى هذا فالأوجه أن يقول : وهو مراد بالواو لا بأو ( قوله ثم لا يشترط أن يكون عليه غبار عند أبي حنيفة ) وعند محمد يشترط لظاهر قوله تعالى { فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه } قلنا : هي للابتداء في المكان ، إذ لا يصح فيها ضابط التبعيضية والبيانية وهو وضع بعض موضعها في الأولى ولفظ الذي في الثاني والباقي في الأول بحاله ، ويزاد في الثاني جزء ليتم صلة للموصول كما في { اجتنبوا الرجس من الأوثان } أي الذي هو الأوثان ، ولو قيل فامسحوا بوجوهكم وأيديكم بعضه أفاد أن المطلوب جعل الصعيد ممسوحا والعضوين آلته وهو منتف اتفاقا ( قوله وكذا يجوز بالغبار مع القدرة على الصعيد عند أبي حنيفة ومحمد ) وقال أبو يوسف : لا يجوز إلا عند العجز عنه كأن يكون في وحل وردغة بسفر أو بحر ولا يستطيع الماء ، وهذه إحدى الروايتين عنه ، وفي أخرى لا يجوز ، وفي رواية : يتيمم به ويعيد ، والخلاف مبني على أنه تراب خالص أو غالب أو لا ، فعنده لا ، وعندهما نعم إذ لم يفارقه إلا بممازجة الهواء




الخدمات العلمية