الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 91 ] والجنب إذا انغمس في البئر لطلب الدلو فعند أبي يوسف رحمه الله الرجل بحاله لعدم الصب وهو شرط عنده لإسقاط الفرض والماء بحاله لعدم الأمرين ، وعند محمد رحمه الله كلاهما طاهران : الرجل لعدم اشتراط الصب ، والماء لعدم نية القربة . وعند أبي حنيفة رحمه الله : كلاهما نجسان : الماء لإسقاط الفرض عن البعض بأول الملاقاة والرجل لبقاء الحدث في بقية الأعضاء .

[ ص: 92 ] وقيل عنده نجاسة الرجل بنجاسة الماء المستعمل . وعنه أن الرجل طاهر لأن الماء لا يعطى له حكم الاستعمال قبل الانفصال ، وهو أوفق الروايات عنه .

[ ص: 91 ]

التالي السابق


[ ص: 91 ] قوله والجنب ) هذه المسألة التي خرج أبو بكر الرازي اختلاف أبي يوسف ومحمد في علة استعمال الماء منها فقال : عند أبي يوسف يثبت الاستعمال برفع الحدث وبالاستعمال تقربا ، وعند محمد ما لم ينو القربة لا يصير مستعملا وجهه في قول محمد ظاهر .

قال وصار كما إذا أدخل يده للاغتراف زال الحدث عن اليد ولم يصر الماء مستعملا . وأما أبو يوسف فيحكم بنجاسة المستعمل وهو بكل من الأمرين فإذا انغمس وحكمنا بطهارته استلزم ذلك الحكم بكون الماء مستعملا ، ولو حكمنا باستعماله لكان نجسا بأول الملاقاة فلا تحصل له الطهارة ، فكان الحكم بطهارته مستلزما للحكم بنجاسته ، فقلنا الرجل بحاله والماء بحاله . وعن أبي حنيفة أنهما نجسان ، واختلفوا في نجاسة الرجل عنده ، فقيل نجاسة الجنابة فلا يقرأ ، وقيل نجاسة المستعمل فيقرأ .

وعنه أن الرجل طاهر ، وهذه الرواية هي الصحيحة لعدم أخذ الماء حكم الاستعمال قبل الانفصال ، والكل ظاهر من الكتاب ، وأنت علمت أن أخذ اشتراط [ ص: 92 ] محمد القربة من هذه المسألة غير لازم وكذا قول أبي يوسف لجواز أن يكون كون الرجل بحاله لاشتراطه الصب فإنه شرط عنده في التطهير في غير الماء الجاري والملحق به في العضو لا الثوب لا لما ذكر لما ذكرنا أن الاستعمال لا يثبت إلا بعد الانفصال فلا يكون الماء حال الانغماس والحكم بطهارة الرجل مستعملا نجسا ولا بأول الملاقاة




الخدمات العلمية