قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين [ ص: 70 ] nindex.php?page=treesubj&link=28974قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39فنادته الملائكة قرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي " فناداه " بالألف على التذكير ويميلانها لأن أصلها الياء ، ولأنها رابعة . وبالألف قراءة
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، وهو اختيار
أبي عبيد . وروي عن
جرير عن
مغيرة عن
إبراهيم قال : كان
عبد الله يذكر الملائكة في كل القرآن . قال
أبو عبيد : نراه اختار ذلك خلافا على المشركين لأنهم قالوا : الملائكة بنات الله . قال
النحاس : هذا احتجاج لا يحصل منه شيء ; لأن العرب تقول : قالت الرجال ، وقال الرجال ، وكذا النساء ، وكيف يحتج عليهم بالقرآن ، ولو جاز أن يحتج عليهم بالقرآن بهذا لجاز أن يحتجوا بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=42وإذ قالت الملائكة ولكن الحجة عليهم في قوله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19أشهدوا خلقهم أي فلم يشاهدوا ، فكيف يقولون إنهم إناث فقد علم أن هذا ظن وهوى . وأما " فناداه " فهو جائز على تذكير الجمع ، " ونادته " على تأنيث الجماعة . قال
مكي : والملائكة ممن يعقل في التكسير فجرى في التأنيث مجرى ما لا يعقل ، تقول : هي الرجال ، وهي الجذوع ، وهي الجمال ، وقالت الأعراب . ويقوي ذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=42وإذ قالت الملائكة وقد ذكر في موضع آخر فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=93والملائكة باسطو أيديهم وهذا إجماع . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=23والملائكة يدخلون عليهم من كل باب فتأنيث هذا الجمع وتذكيره حسنان . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : ناداه
جبريل وحده ; وكذا في قراءة
ابن مسعود . وفي التنزيل
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=2ينزل الملائكة بالروح من أمره يعني
جبريل ، والروح الوحي . وجائز في العربية أن يخبر عن الواحد بلفظ الجمع . وجاء في التنزيل
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=173الذين قال لهم الناس يعني
نعيم بن مسعود ، على ما يأتي . وقيل : ناداه جميع الملائكة ، وهو الأظهر . أي جاء النداء من قبلهم .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39وهو قائم ابتداء وخبر
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39يصلي في موضع رفع ، وإن شئت كان نصبا على الحال من المضمر . أن الله أي بأن الله . وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي " إن " أي قالت إن الله ; فالنداء بمعنى القول .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39يبشرك بالتشديد قراءة أهل
المدينة . وقرأ
حمزة " يبشرك " مخففا ; وكذلك
حميد بن القيس المكي إلا أنه كسر الشين وضم الياء وخفف الباء . قال
الأخفش : هي ثلاث لغات بمعنى واحد . دليل الأولى هي قراءة الجماعة أن ما في القرآن من هذا من فعل ماض أو أمر فهو بالتثقيل ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=17فبشر عبادي nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=11فبشره بمغفرة nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=71فبشرناها بإسحاق [ ص: 71 ] nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=55قالوا بشرناك بالحق . وأما الثانية وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود فهي من بشر يبشر وهي لغة
تهامة ; ومنه قول الشاعر :
بشرت عيالي إذ رأيت صحيفة أتتك من الحجاج يتلى كتابها
وقال آخر :
وإذا رأيت الباهشين إلى الندى غبرا أكفهم بقاع ممحل
فأعنهم وابشر بما بشروا به وإذا هم نزلوا بضنك فانزل
وأما الثالثة فهي من أبشر يبشر إبشارا قال
يا أم عمرو أبشري بالبشرى موت ذريع وجراد عظلى
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39بيحيى كان اسمه في الكتاب الأول حيا ، وكان اسم
سارة زوجة إبراهيم عليه السلام يسارة ، وتفسيره بالعربية لا تلد ، فلما بشرت
بإسحاق قيل لها :
سارة ، سماها بذلك
جبريل عليه السلام . فقالت : يا
إبراهيم لم نقص من اسمي حرف ؟ فقال
إبراهيم ذلك
لجبريل عليهما السلام . فقال : ( إن ذلك الحرف زيد في اسم ابن لها من أفضل الأنبياء اسمه حي وسمي
بيحيى ) . ذكره
النقاش . وقال
قتادة : سمي
بيحيى لأن الله تعالى أحياه بالإيمان والنبوة . وقال بعضهم : سمي بذلك لأن الله تعالى أحيا به الناس بالهدى . وقال
مقاتل : اشتق اسمه من اسم الله تعالى حي فسمي
يحيى . وقيل : لأنه أحيا به رحم أمه .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39مصدقا بكلمة من الله يعني
عيسى في قول أكثر المفسرين . وسمي
عيسى كلمة لأنه كان بكلمة الله تعالى التي هي " كن " فكان من غير أب . وقرأ
أبو السمال العدوي ( بكلمة ) مكسورة الكاف ساكنة اللام في جميع القرآن ، وهي لغة فصيحة مثل كتف وفخذ . وقيل : سمي كلمة لأن الناس يهتدون به كما يهتدون بكلام الله تعالى . وقال
أبو عبيد : معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39بكلمة من الله بكتاب من الله . قال : والعرب تقول أنشدني كلمة أي قصيدة ; كما روي أن
الحويدرة ذكر
لحسان فقال : لعن الله كلمته ، يعني قصيدته . وقيل غير هذا من الأقوال . والقول الأول أشهر وعليه من العلماء الأكثر . و "
يحيى " أول من آمن
بعيسى عليهما السلام وصدقه ، وكان
يحيى أكبر من
عيسى بثلاث سنين ويقال بستة أشهر . وكانا ابني خالة ، فلما سمع
زكريا شهادته قام إلى
عيسى فضمه إليه وهو في خرقه . وذكر
الطبري أن
مريم لما حملت
بعيسى [ ص: 72 ] حملت أيضا أختها
بيحيى ; فجاءت أختها زائرة فقالت : يا
مريم أشعرت أني حملت ؟ فقالت لها
مريم : أشعرت أنت أني حملت ؟ فقالت لها : وإني لأجد ما في بطني يسجد لما في بطنك . وذلك أنه روي أنها أحست جنينها يخر برأسه إلى ناحية بطن
مريم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : فذلك قول
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39مصدقا بكلمة من الله . " ومصدقا " نصب على الحال .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39وسيدا السيد : الذي يسود قومه وينتهى إلى قوله ، وأصله سيود يقال : فلان أسود من فلان ، أفعل من السيادة ; ففيه دلالة على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=32697تسمية الإنسان سيدا كما يجوز أن يسمى عزيزا أو كريما . وكذلك روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال
لبني قريظة : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=831855قوموا إلى سيدكم ) . وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في
الحسن :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830760إن ابني هذا سيد ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين وكذلك كان ، فإنه لما قتل
علي - رضي الله عنه - بايعه أكثر من أربعين ألفا وكثير ممن تخلف عن أبيه وممن نكث بيعته ، فبقي نحو سبعة أشهر خليفة
بالعراق وما وراءها من
خراسان ، ثم سار إلى
معاوية في أهل
الحجاز والعراق وسار إليه
معاوية في أهل
الشام ; فلما تراءى الجمعان بموضع يقال له " مسكن " من أرض السواد بناحية
الأنبار كره
الحسن القتال لعلمه أن إحدى الطائفتين لا تغلب حتى تهلك أكثر الأخرى فيهلك المسلمون ; فسلم الأمر إلى
معاوية على شروط شرطها عليه ، منها أن يكون الأمر له من بعد
معاوية ، فالتزم كل ذلك
معاوية فصدق قوله عليه السلام : ( إن ابني هذا سيد ) ولا أسود ممن سوده الله تعالى ورسوله . قال
قتادة في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39وسيدا قال : في العلم والعبادة .
nindex.php?page=showalam&ids=13033ابن جبير والضحاك : في العلم والتقى .
مجاهد : السيد الكريم .
ابن زيد : الذي لا يغلبه الغضب . وقال
الزجاج : السيد الذي يفوق أقرانه في كل شيء من الخير . وهذا جامع . وقال
الكسائي : السيد من المعز المسن . وفي الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=831856ثني من الضأن خير من السيد المعز . قال :
[ ص: 73 ] سواء عليه شاة عام دنت له ليذبحها للضيف أم شاة سيد
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39وحصورا أصله من الحصر وهو الحبس . حصرني الشيء وأحصرني إذا حبسني . قال
ابن ميادة :
وما هجر ليلى أن تكون تباعدت عليك ولا أن أحصرتك شغول
وناقة حصور : ضيقة الإجليل . والحصور الذي لا يأتي النساء كأنه محجم عنهن ; كما يقال : رجل حصور وحصير إذا حبس رفده ولم يخرج ما يخرجه الندامى . يقال : شرب القوم فحصر عليهم فلان ، أي بخل ; عن
أبي عمرو . قال
الأخطل :
وشارب مربح بالكأس نادمني لا بالحصور ولا فيها بسوار
وفي التنزيل
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=8وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا أي محبسا . والحصير الملك لأنه محجوب . وقال
لبيد :
وقماقم غلب الرقاب كأنهم جن لدى باب الحصير قيام
فيحيى عليه السلام حصور ، فعول بمعنى مفعول لا يأتي النساء ; كأنه ممنوع مما يكون في الرجال ; عن
ابن مسعود وغيره . وفعول بمعنى مفعول كثير في اللغة ، من ذلك حلوب بمعنى محلوبة ; قال الشاعر :
فيها اثنتان وأربعون حلوبة سودا كخافية الغراب الأسحم
وقال
ابن مسعود أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=11866وأبو الشعثاء والحسن وابن زيد : هو الذي يكف عن النساء ولا يقربهن مع القدرة . وهذا أصح الأقوال لوجهين : أحدهما أنه مدح وثناء عليه ، والثناء إنما يكون عن الفعل المكتسب دون الجبلة في الغالب . الثاني أن فعولا في اللغة من صيغ الفاعلين ; كما قال :
ضروب بنصل السيف سوق سمانها إذا عدموا زادا فإنك عاقر
فالمعنى أنه يحصر نفسه عن الشهوات . ولعل هذا كان شرعه ; فأما شرعنا فالنكاح ، كما تقدم . وقيل : الحصور العنين الذي لا ذكر له يتأتى له به النكاح ولا ينزل ; عن
ابن عباس أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب والضحاك . وروى
أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
[ ص: 74 ] يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=838130كل ابن آدم يلقى الله بذنب قد أذنبه يعذبه عليه إن شاء أو يرحمه إلا يحيى بن زكريا فإنه كان سيدا وحصورا ونبيا من الصالحين ثم أهوى النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده إلى قذاة من الأرض فأخذها وقال : ( كان ذكره هكذا مثل هذه القذاة ) . وقيل : معناه الحابس نفسه عن معاصي الله عز وجل . و
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=112نبيا من الصالحين قال
الزجاج : الصالح الذي يؤدي لله ما افترض عليه ، وإلى الناس حقوقهم .