[ ص: 343 ] قوله : ( فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه من أولياء الله تعالى ، وهي درجة الراسخين في العلم ، لأن العلم علمان : علم في الخلق موجود ، وعلم في الخلق مفقود ، فإنكار العلم الموجود كفر ، وادعاء العلم المفقود كفر ، ولا يثبت الإيمان إلا بقبول العلم الموجود ، وترك طلب العلم المفقود ) .
ش : الإشارة بقوله : فهذا . إلى ما تقدم ذكره ، مما يجب اعتقاده والعمل به ، مما جاءت به الشريعة . وقوله : وهي درجة الراسخين في العلم . أي علم ما جاء به الرسول جملة وتفصيلا ، نفيا وإثباتا . ويعني بالعلم المفقود : علم القدر الذي طواه الله عن أنامه ، ونهاهم عن مرامه . ويعني بالعلم الموجود : علم الشريعة ، أصولها وفروعها ، فمن
nindex.php?page=treesubj&link=10018_10015أنكر شيئا مما جاء به الرسول كان من الكافرين ، ومن
nindex.php?page=treesubj&link=10025_28689ادعى علم الغيب كان من الكافرين . قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=26عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ( الجن : 26 - 27 ) ، الآية . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير ( لقمان : 34 ) . ولا يلزم من خفاء حكمة الله علينا عدمها ، ولا من جهلنا انتفاء حكمته . ألا ترى أن خفاء حكمة الله علينا في خلق الحيات والعقارب والفأر والحشرات ، التي لا يعلم منها إلا المضرة ، لم ينف أن يكون الله تعالى خالقا لها ، ولا يلزم أن لا يكون فيها حكمة خفيت علينا ، لأن عدم العلم لا يكون علما بالمعدوم .
[ ص: 343 ] قَوْلُهُ : ( فَهَذَا جُمْلَةُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مَنْ هُوَ مُنَوَّرٌ قَلْبُهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَهِيَ دَرَجَةُ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ ، لِأَنَّ الْعِلْمَ عِلْمَانِ : عِلْمٌ فِي الْخَلْقِ مَوْجُودٌ ، وَعِلْمٌ فِي الْخَلْقِ مَفْقُودٌ ، فَإِنْكَارُ الْعِلْمِ الْمَوْجُودِ كُفْرٌ ، وَادِّعَاءُ الْعِلْمِ الْمَفْقُودِ كُفْرٌ ، وَلَا يَثْبُتُ الْإِيمَانُ إِلَّا بِقَبُولِ الْعِلْمِ الْمَوْجُودِ ، وَتَرْكِ طَلَبِ الْعِلْمِ الْمَفْقُودِ ) .
ش : الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : فَهَذَا . إِلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ، مِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ ، مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ . وَقَوْلُهُ : وَهِيَ دَرَجَةُ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ . أَيْ عِلْمِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا ، نَفْيًا وَإِثْبَاتًا . وَيَعْنِي بِالْعِلْمِ الْمَفْقُودِ : عِلْمَ الْقَدَرِ الَّذِي طَوَاهُ اللَّهُ عَنْ أَنَامِهِ ، وَنَهَاهُمْ عَنْ مَرَامِهِ . وَيَعْنِي بِالْعِلْمِ الْمَوْجُودِ : عِلْمَ الشَّرِيعَةِ ، أُصُولِهَا وَفُرُوعِهَا ، فَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=10018_10015أَنْكَرَ شَيْئًا مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ كَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ، وَمَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=10025_28689ادَّعَى عَلِمَ الْغَيْبِ كَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ . قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=26عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ( الْجِنِّ : 26 - 27 ) ، الْآيَةَ . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ( لُقْمَانَ : 34 ) . وَلَا يَلْزَمُ مِنْ خَفَاءِ حِكْمَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا عَدَمُهَا ، وَلَا مِنْ جَهْلِنَا انْتِفَاءُ حِكْمَتِهِ . أَلَا تَرَى أَنَّ خَفَاءَ حِكْمَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا فِي خَلْقِ الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ وَالْفَأْرِ وَالْحَشَرَاتِ ، الَّتِي لَا يُعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا الْمَضَرَّةُ ، لَمْ يَنْفِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى خَالِقًا لَهَا ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا حِكْمَةٌ خَفِيَتْ عَلَيْنَا ، لِأَنَّ عَدَمَ الْعِلْمِ لَا يَكُونُ عِلْمًا بِالْمَعْدُومِ .